سأله الخطيب عن ذلك فأنكر ولم يُقِرّ، وأَصرّ، وقال: هذا لم يخطر ببالي. وقيل: إنّ التصنيف كان في كُمِّه، فلمّا مات الخطيبُ أَظْهَره، وهو الكتاب المُلَقَّب بمستمر الأوهام».
قال المُعَلِّمي: ظاهر صِيغة الذهبي أنّ الحكاية ثابتة عن محمد بن مرزوق، ومحمد بن مرزوق: ثِقَة مِنْ الرواة عن الخطيب، ومَولده سنة ٤٤٢، ومات سنة ٥١٧. وفي «معجم الأدباء»: «قال أبو عبد الله محمد بن أبي نصر الحُمَيدي، فذكر الكلمة التي تقدمت في الثناء على الأمير، وقال عقبها: «قال: وبلغ أبا بكر الخطيب أنّ ابن ماكولا أخذ عليه في كتابه «المؤتنف»، وصنّف في ذلك تصنيفًا، وحضر عنده ابن ماكولا، وسأله الخطيب عن ذلك فأنكره ولم يقرّ به، وقال: تَنْسُبُني الناس إلى ما لا أحسنه من الصنعة، واجتهد الشيخ أبو بكر أن يعترف بذلك، وحكى له ما كان من عبد الغني بن سعيد في تتبعه أوهام الحاكم أبي عبد الله في كتاب «المدخل»، وحكايات عدة من هذا المعنى، قال: أرني إيّاه، فإن يكن صوابًا استفدته منك، ولا أذكره إلاّ عنك، فأصرّ على الإنكار، وقال: لم يخطر هذا ببالي قط، ولم أبلغ هذه الدرجة، أو كما قال».
قال المعلمي: ظاهر السياق أنّ هذه الحكاية حكاها الحُميدي».
ثم ساق الشيخ المعلمي ﵀ خطبة كتاب التهذيب كاملة، ثم قال:
«قال المعلمي: سُقت هذه الخطبة بطولها لما اشتملت عليه من المطالب، وأصل مقصودي هنا أنّ الأمير ينص على أنّه إنّما بدا له أن يؤلف في هذا الفن بعد أن «دُعي الخطيب فأجاب»، وأنّه بدأ بتأليف «الإكمال» فلمّا تمّ شرع في تأليف «تهذيب مستمر الأوهام».
قد يقال: إن كلمة «دُعي به فأجاب»، وإن كان ظاهرها الموت فإنها تحتمل غيره، ويقوّي هذا الاحتمال عُدول الأمير إليها عن التصريح بالموت، وهذا ربّما يُشعر بأنّ القضية وقعت في حياة الخطيب، ولكن لم يشأ الأمير أن يصرح في كتابه