وبعدُ فالخَطْب سهل، فإنّ الحكاية لم تُثبِت أنّ الأمير صنف، وإنّما ذكرت أنّه بلغ الخطيب أنّ ابن ماكولا أخذ عليه في كتابه وصنف في ذلك تصنيفًا، ولم تُبَيِّن مَنْ الذي بلّغ الخطيب ذلك. والمَخْلَص من التعارض هو أنّ الأمير لما اطَّلع على كتاب الخطيب كان يَعْرِض له الاعتراض بعد الاعتراض، ويَهاب الخطيبَ، ولكنه يذكر ذلك لبعض من يَثِق به، وكأنه تكرر ذلك فتوهم بعض أولئك الذين كان يثق بهم أنّه قد شرع في تصنيف يتعقب فيه الخطيب، فنُمِي ذلك إلى الخطيب فجرى ما جرى، والأمير صادق فيما أجاب به الخطيب؛ لأنّه لم يكن قد بدا له أن يصنف تصنيفًا، وصادق فيما قاله في كتابيه.
أمّا ما يظهر من كلام الأمير من تأخر جمعه «التهذيب» عن تصنيفه «الإكمال» فقد يعارضه ما يوجد من الإحالة عليه في «الإكمال»، ويُوَفَّق إمّا بأن تكون تلك الإحالة متأخرة ألحقها الأمير في «الإكمال»، ولم تكن فيه عندما أتمّ تصنيفه أول مرَّة.
وإمّا وهو المتّجِه بأنّ الأمير عَزَم أولا على تصنيف الكتابين، وبدأ بتصنيف «الإكمال» مهذبًا، وكان كلّما رأى وهمًا في تلك الكتب التي هذبها قيد ذاك الوهم في دفتر خاص، فلمّا أتمّ تصنيف «الإكمال» وتأكد عزمه على تصنيف «التهذيب» شرع في تصنيفه بعد أن تجمعت له مادة ذلك، ويشهد لهذا أنّه فيما قد وقفت عليه من الإحالات، قال فيها:«ذكرناه في الأوهام»(١)، ولم يذكر اسم التهذيب». ا. هـ كلام الشيخ المعلمي اليماني ﵀.
قلت: وأنا أوافق الشيخ المعلمي على هذا الرأي.
هذا وترجع أهمية هذا الكتاب القيم إلى عدة أمور منها:
أولا: أن الناظر في كتاب «المؤتلف والمختلف» للدارقطني، وكتاب «المؤتلف والمختلف»، و «مشتبه النسبة» كلاهما لعبد الغني الأزدي، وكتاب «المؤتنف تكملة المؤتلف والمختلف» للخطيب = لا يمكنه الاستغناء عن النظر