لكن تبقى سَجِيَّة العَجْز والتقصير في بني آدم، فَفاته أيضًا -كما فاتهما- أشياء، ووَهِم -كما وَهِما- في أشياء، فجاء صاحبُه وتِلميذُه الإمامُ الحافظ الأمير أبو نَصْر عَلِي بن هِبة الله المعروف بابن ماكولا، فَصَنَّف هذا الكتاب الذي بين أيدينا الآن المعروف ب «تَهْذِيب مُسْتَمِر الأَوْهَام على ذَوِي المَعرفَة وأُولي الأفْهَام» -ويعني بأُولِي الأفهام: الدَّارَقُطْني، والأَزْدِي، والخَطِيب البَغْدَادِي-، وسيأتينا فصل في التعريف به، وبصاحبه.
وقد طُبِع الكتاب منذ ما يزيد عن ثلاثين سنة، حققه الشيخ: سيد كسروي حسن -بارك الله في عمره- عن دار الكتب العلمية.
وهي طبعة سَقِيمة جدًا جدًا، عفا الله عن محققها، وعُذْرُه أنه اعتمد خَطِّيةً سقيمةً جدًا، وبها خَرْمٌ كبيرٌ جدًا، يعادل ثلث الكتاب.
كذلك مما يُعْتَذر به عنه أنه حَقَّقَه في وقت لم يَكُنْ فيه مِنْ الرَّفَاهية العلمية البَحْثِية ما هو متوفر الآن لِصغار الباحثين، فجزاه الله خيرًا إذْ قَصَد بعمله وَجْهَ الله ونَشْر العلم.
على أنه ينبغي لنا أن نَتَأَسَّى بِسَلَفِنا مِنْ العلماء الكبار، ونَمْضِي على سَنَنِهم، ونَقُوم بواجب الذَّوْد عن العلم، ونُبَيِّن الأخطاء التي وقعت لِمَنْ سبقنا قَدْر اسْتطاعتنا خِدمةً لهذا الدين، عسى ربنا أن يُلْحِقَنا بِرَكْب هؤلاء العلماء.
وعليه فَطبعة الشيخ سيد كسروي حسن، لا يَحِلُّ النَّظَر فيها بعد ذلك، للكثرة الكاثِرة من الأخطاء والتصحيفات والسَّقْط الذي جاوز الحَدَّ، فقد سقط من مطبوعته -تَبعًا للأصل الذي اعتمد عليه- تسعون بابًا من أبواب الكتاب التي بلغت ثلاثمائة بابًا ونيف، سِوى ما سقط من جُمَلٍ تُغَيِّر المعنى تمامًا، وتُدْخِلُ ترجمةً في أُخرى وذلك في أثناء الكتاب-، فيكون الكتاب قد سقط ثُلثُه على التقريب.
وقد أَرْفَقت قائمةً ذكرت فيها بعضَ الأخطاء التي وَقَعت في الطبعة القديمة، دون تَتَبُّع لها، إنما هذه الأخطاء وقعت لي عَرَضًا، فلم يكن من هَمِّي والحمد لله سوى إخراج الكتاب بصورة هي أقرب للصحة، وما ذكرته مِنْ أخطاءٍ إنما ذكرته