للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

سنة اثنتين وستين وأربعمائة (٤٦٢)، وسيأتي أنّ الأمير خرج من بغداد قبل سنة (٤٧٥) ولم يعد إليها، وكان عُمر عبد الوهاب حينئذ نحو اثنتي عشرة سنة، وكان الأمير ذا حشمة وأبّهة، عسى أن يكون عبد الوهاب رآه من بعيد، ورأى أبهته وحشمته، فأراه ما كان معروفًا به من العبادة والصلاح أنّ ذلك نقص في الدين. وغايةُ كلمته أن تكون من الجرح المُجْمَل، لا يُعتدُّ به مع التوثيق، وقد أعرض الذهبي عن كلمة عبد الوهاب فلم يذكرها في «التذكرة»، ولا ذكر الأمير في «الميزان» مع التزامه أن يذكر فيه كل من تُكُلِّم فيه، ولو بما لا يَضرُّه.

فأمّا كلمة المُؤْتَمِن، فَأبعد عن الطعن، إنّما عَنى أنّ اختيار الأمير زِيّ الأمراء أو الكُتَّاب كما عَبَّر به الحافظ الحبال، وقد تقدم حالَ بين الأمير وبين نشر علمه، فلم تنتشر الرواية عنه، وهذا صحيح، حتى قال الذهبي: «يعز وقوع حديث الأمير ابن ماكولا» (١) يعني يعز وجود الحديث مسندًا من طريقه.

وقد قدمت السبب الذي دعا الأمير إلى اختيار طلب العلم مع التشبث بمظاهر الإمارة، وذكرت طرفًا من الشطر الأول، وبقي منه طرف أرى أن أرجئه الآن، وأقدم الشطر الثاني.

الأمير كما قال ياقوت: «مِنْ بَيت الوَزارة والقضاء والرياسة القديمة»، وقد سبقت الإشارة إلى ما وقفت عليه من الرياسة والوزارة، وذلك ثابت متمكن، فأمّا القضاء فإنّما عرفته لِعَمِّه الحُسَين وقد نُشِّئ الأمير تَنشِئة الأمراء، حتى سماعه للعلم، كان يُدعى شيوخ أهل العلم إلى داره ليسمع منهم كما تقدم، ولمّا رحل إلى مصر كان في زِيّ الكُتّاب كما قال الحبال، والكُتّاب إذ ذاك هم الوزراء ونحوهم. هذا شأن الهيئة والأُبهة والحشمة.

فأمّا التلبس بالإمارة فكان حظ الأمير منها هو السفارة بين الخليفة وبين


(١) المصدر السابق.

<<  <   >  >>