للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الهمزة، فلمّا لاصقت الهمزة حرف اللين، وفيه خفاء، بيّن بالمدّ، لما فيه من اللين، ومده دون مدّ حرف المد واللين، بنقصه وضعفه بانفتاح ما قبله، ومخالفته بذلك لحروف المدّ واللين، وإنما بقيت المشابهة بين حرفي اللين وبين حروف المدّ واللين بالسكون لا غير، وبأنهما قد تكون حركة ما قبلهما منهما، فكان المدّ فيهما للهمزة دون مدّ ما شابهاه، ونقصا عن درجته، وهي حروف (١) المد واللين، وترك مدّ ذلك هو الاختيار لضعف حرفي اللين، ولإجماع (٢) القراء على ذلك، ولإجماع (٢) الرواة غير ورش عن نافع على ذلك، ولأن رواية البغداديين عن ورش في هذا بترك المدّ. فأما حمزة فإنه كان يقف على الياء وقفة خفيفة، لأجل الهمزة، وصعوبة اللفظ بها ثم يهمز (٣)، فورش يمدّ الياء من (شيء) للهمزة وحمزة يقف على الياء ثم يهمز، ففي قراءة ورش من المدّ ما ليس في قراءة حمزة.

قال أبو محمد: والمدّ في هذا النوع لا ينكره إلا جاهل بالنقل وبوجوه العربية.

لم يختلف أن الياء والواو، وإن انفتح ما قبلهما ففيهما لين، فلا يمتنع المدّ للهمزة في الحرف الذي فيه لين، مع وجود الرواية بذلك، يدلّ على ذلك أن سيبويه أجاز: «هذا ثوب بّكر، وجيب بّكر» بالإدغام (٤) فلولا أن الياء يحسن فيها المد، ويأتي ما وقع بعدها حرف مشدد، إذ لا يقع حرف مشدد أبدا قبله ساكن، إلا بعد حرف يتأتى فيه المدّ، ليقوم المد مقام الحركة. وحكى سيبويه في التصغير:

«هذا أصيّم» تصغير «أصمّ» (٥)، فلولا أن الياء يحسن فيها المد، ويتأتى ما وقع بعدها المشدّد في هذا، فإذا جاز المد في الياء، وقبلها فتحة مع المشدّد، جاز مع الهمزة لخفائه.


(١) ص: «درجة حروف المد».
(٢) ص: «ولاجتماع».
(٣) التبصرة ١٦ /أ، والتيسير ٦٢، والنشر ١/ ٣٤٤
(٤) كتاب سيبويه ٢/ ٤٩٣
(٥) كتاب سيبويه ٢/ ١٢٢، والنشر ١/ ٣٤٢