للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

من المدّ فيجري الوقف على الوصل (١) أولى وأقوى، وهو الاختيار.

«١٥» وعلة من لم يمد أن الهمزة، لمّا زال لفظها الذي يخاف على حرف المد واللين أن يخفى به، أسقط المدّ لأن الذي من أجله وجب المد قد زال، وهو لفظ الهمزة، فعامل اللفظ، ولم يعرج على الأصل، وعلى هذا قياس المد وتركه في قراءة البزّي (٢) وقالون بالتخفيف في الهمزة الأولى، وفي قوله: ﴿هؤُلاءِ إِنْ كُنْتُمْ﴾ «البقرة ٣١»، و ﴿أَوْلِياءُ أُولئِكَ﴾ «الأحقاف ٣٢» القياس والنظر يوجبان المدّ مع التسهيل على ما قدّمنا لكن الذي قرأت به في هذا الفصل هو ترك المدّ، لزوال لفظ الهمزة، وأنا آخذ بالوجهين وأختار المدّ لما قدّمنا فيه من العلل (٣).

«١٦» فإن قيل: قد ذكرت علة المد لحروف المد واللين مع الهمزة، فما علة المد لهن مع المشدد أو الساكن بعدهن؟

فالجواب أن جميع الكلام لا يلفظ فيه بساكن إلا بحركة قبله، ولا يوصل أبدا إلى اللفظ بساكن بساكن آخر قبله، لأنه لا يبتدأ بساكن، ولا يبتدأ إلا بمتحرك، ولا يوقف على متحرك فلمّا وقع، بعد حروف المد واللين وحرفي اللين، حرف مشدد وأوله ساكن، وحروف المد واللين وحرفا اللين سواكن، لم يمكن أن يوصل، إلى اللفظ بالمشدد، بساكن قبله، فاجتلبت مدّة تقوم مقام الحركة، يوصل بها إلى اللفظ بالمشدد، وكانت المدة أولى، لأن الحرف الذي قبل المشدد حرف مدّ، فزيد في مدّه، لتقوم المدة مقام الحركة، فيتوصّل بذلك إلى اللفظ بالمشدّد، وهذا إجماع من العرب ومن النحويين. والعلة في المد للساكن غير المشدد، يقع بعد حروف المد واللين، كالعلة في المد للمشدد، لأن بالمدة يوصل إلى اللفظ


(١) ب: «الأصل»، ص: «فجرى الوصل على الوقف» وتوجيهه من هذه ومن: ل.
(٢) اسمه أحمد بن محمد بن عبد الله، قارئ، قرأ على أبيه محمد وعبد الله ابن زياد وعكرمة بن سليمان، وعليه الحسن بن الحباب وأحمد بن فرج، أستاذ، متقن ثبت، على أنه لين، (ت ٢٥٠ هـ)، ترجم في الجرح والتعديل ١/ ٧١/١، وميزان الاعتدال ١/ ١٤٤، وطبقات القراء ١/ ١١٩
(٣) التبصرة ١٦ /ب - ١٧ /أ، والتيسير ٣٣، والنشر ١/ ٣٧٧