للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأيضا فإنه لما همز «تؤويه، وتؤوي» (١) لئلا يجتمع واوان في التخفيف، فذلك أثقل من التحقيق، رجع إلى التحقيق، لأنه أخفّ، فأجرى باب «الإيواء» على سنن واحد في الهمز، لئلا يختلف، إذ هو كله من أصل واحد، من «أوى»، مع نقله ذلك عن أئمته.

«٦» فإن قيل: فما بال ورش همز «فأذن، ومن تأخر، ومآرب، ومآبا، وتؤزهم، ويؤده، ويؤوده» (٢)، والهمزات (٣) فيه كله فاء الفعل، ومن أصله أن لا يهمز فاء الفعل؟

فالجواب أنه إنما خفّف من فاء الفعل، ما وجد فيه سبيلا إلى البدل في التخفيف، وأبدل من الهمزة حرفا يقوم مقامها، وينوب عنها، فاستغنى عنها بحرف يقوم مقامها، هو أخفّ منها، وذلك في «يؤمن، ويأكل، ويؤاخذ» (٤) وشبهه، وهذه الكلمات لا يتمكن في تسهيلها البدل لأنها متحركة، قبلها حركة، فلا تكون إلا بين بين. وبعد كل همزة منها ساكن. وهمزة بين بين، يبعد وقوع ساكن بعدها، لأنها تصير وصلة إلى اللفظ بالساكن بعدها، فكأنها مبتدأ بها، وهمزة بين بين لا يبتدأ بها، فوجب فيها التحقيق ضرورة في القياس. وقد تسهّل الهمزة، وإن كان بعدها ساكن في بعض الكلام، لكن المعمول به ما ذكرت لك، فلمّا لم يجد إلى البدل سبيلا وبعد جعلها بين بين، رجع إلى التحقيق، إذ لا سبيل إلى غير التحقيق أو التسهيل، فلمّا صعب التسهيل رجع إلى التحقيق.


(١) أول الحرفين في سورة المعارج (آ ١٣) وثانيهما في الأحزاب (آ ٥١).
(٢) هذه الأحرف على ترتيبها في النص في سورة النور (آ ٦٢)، في البقرة (آ ٢٠٣) في طه (آ ١٨) في النبأ (آ ٢٢) في مريم (آ ٨٣) في آل عمران (آ ٧٥) في البقرة (آ ٢٥٥).
(٣) ص: «والهمزة».
(٤) أول الأحرف في سورة البقرة (آ ٢٣٢) وثانيهما في النساء (آ ٦) وثالثهما في النحل (آ ٦١).