للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

«٧» فإن قيل: فما حجة ورش في تخفيفه ل «الذئب، وبئس، وأرأيت» (١) ومن أصله أن يحقق عين الفعل حيث وقعت؟

فالجواب أنه خفّف همزة «الذئب» على لغة من قال: لا أصل له في الهمز، وقد قال الكسائي: لا أعرف أصله في الهمز، فلم يهمزه في قراءته، وكذلك «البئر» (٢) قد قيل: لا أصل لها في الهمز. فأما تخفيفه للهمزة الثانية من «أرأيت» وهي عين الفعل، فإنه لمّا اجتمع في كلمة همزتان، بينهما حرف، خفّف الثانية استخفافا. وأيضا فإنه لمّا رأى بعض العرب يحذف الثانية حذفا مستمرا، وبه قرأ الكسائي خفّفها، وجعل تخفيفها عوضا من حذفها، إذ في حذفها بعض الإجحاف بالكلمة (٣). وسيأتي علة (٤) من حذفها ومن خفّفها في موضعها، إن شاء الله.

«٨» فإن قيل: فما بال ورش ترك همز (٥) ﴿رِدْءاً يُصَدِّقُنِي﴾ «القصص ٣٤» والهمزة لام الفعل، ومن أصله همز لام الفعل حيث وقعت، ومن أصله أيضا أنه لا يلقي حركة الهمزة على الساكن قبلها في كلمة؟

فالجواب أنه لمّا وجد سبيلا إلى إلقاء حركة الهمزة على الساكن قبلها لم يهمزها، وألقى حركتها على ما قبلها، قياسا على فعله في إلقاء حركة كل همزة، أتت (٦) في كلمة وقبلها ساكن من كلمة أخرى. فأجرى ما هو من كلمة مجرى ما هو من كلمتين، وقد (٧) همز قوله: ﴿مِلْءُ الْأَرْضِ﴾ «آل عمران ٩١» على


(١) الأحرف على ترتيبها في سورة يوسف (آ ١٣) وسيذكر في سورته الفقرة «١١» في البقرة (آ ١٠٢) في الكهف (آ ٦٣) وسيأتي ذكره في سورة الأنعام، الفقرة «١٧ - ١٨».
(٢) هذا الحرف في سورة الحج (آ ٤٥).
(٣) التبصرة ٢٣ /أ، والتيسير ٣٥، والنشر ١/ ٣٨٨، ٣٩٢، ومجالس ثعلب ٢١٦، وإيضاح الوقف والابتداء ١٦٤
(٤) ص: «ونحن نذكر علة».
(٥) ب، ص: «همزة» ورجحت ما اثبته.
(٦) قوله «أتت» سقط من: ص.
(٧) لفظ «وقد» سقط من: ص.