للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عن (١) تخفيف الهمزة، وإذ قد استولى عليها القارئ، وعلى اللفظ بها محقّقة لجمام قوته ووصله لكلامه (٢).

«٣» فإن قيل: فلم لم يخفف الهمزة مع الزوائد، لأنها في اللفظ بعد حرف أو حرفين كالمتوسطة؟

فالجواب أن الهمزة مع الزوائد قبلها، اللواتي لا يتغيّر الكلام بحذفهن، كالمبتدأ بها. فالهمزة المبتدأ بها لا يجوز تخفيفها، فأجراها مع الزوائد مجراها في الابتداء بها، فلم يخفّفها. وقد روي تخفيفها مع الزوائد لأنها في اللفظ كالمتوسطة. وعلة من فعل ذلك أنه عامل اللفظ عملا واحد، فخفّف كل ما كان في اللفظ متوسطا بزوائد أو بغير زوائد، وبالأول قرأت، وهو الاختيار، للعلل التي ذكرنا. وقد روي عنه أيضا أنه يخفّف الهمزة في الوصل، وهي منفصلة ممّا قبلها، إذا اتصلت بكلام قبلها نحو: ﴿يا صالِحُ ائْتِنا﴾ «الأعراف ٧٧»، يبدل من الهمزة واوا لانضمام الحاء قبلها وبالتحقيق قرأت في ذلك، وبه آخذ، لأن الهمزة منفصلة مما قبلها، والوصل عارض، ولا سبيل إلى إلى تخفيف الهمزة المنفصلة ممّا قبلها على قياسه، وهو جائز في العربية، وكذلك قياس كل همزة مبتدأ بها (٣).

«٤» والعلة في ذلك أن الهمزة المبتدأ بها، لو خفّفت لم يكن بدّ أن تخفّف بين بين، أو على البدل، أو بإلقاء الحركة، فلا سبيل إلى جعلها بين بين، وهي (٤) مبتدأ بها، لأن همزة بين بين معناها بين الهمزة المتحركة وبين


(١) ص: «أغنى من».
(٢) ذكر ابن الجزري أن هذا الباب مشكل وذكر عن أبي شامة أنه قال: «هذا الباب من أصعب الأبواب نظما ونثرا في تمهيد قواعده وفهم مقاصده.
قال: ولكثرة تشعبه أفرد له أبو بكر أحمد بن مهران المقرئ تصنيفا حسنا جامعا، وذكر أنه قرأ على غير واحد من الأئمة فوجد أكثرهم لا يقومون به حسب الواجب فيه إلا الحرف بعد الحرف»، انظر النشر ١/ ٤٢١، وإبراز المعاني ١٢٣، وكتاب سيبويه ٢/ ٤٤٢
(٣) التبصرة ٢٦ /أ، والتيسير ٤١، والنشر ١/ ٤٢٦
(٤) ب: «وهو» وتصويبه من: ص.