للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الحرف الساكن، الذي هو من حركتها، فهي تقرب من الساكن، ولا يبتدأ بساكن، ولا بما يقرب من الساكن، لأن الساكن يحتاج إلى حركة يوصل بها إلى اللفظ بالساكن أبدا، فكنت تحتاج أن تجعلها بين بين، وتجتلب لها حرفا متحركا، تصل به إلى النطق بها، وذلك تغيير وتكلّف وخروج عن لغة العرب، فليس هذا في لغتهم، ولا سبيل فيها، وهي مبتدأ بها، إلى تخفيفها بالبدل، لأن التخفيف بالبدل في غيره، إنما يجري على حكم حركة ما قبل الهمزة، وهذه الهمزة ليس قبلها شيء لازم لها، ولا سبيل إلى إلقاء حركتها، إذ ليس قبلها شيء تلقى عليه حركتها، فقد امتنع الابتداء بهمزة مخفّفة على أي وجوه التخفيف كان تخفيفها، فوجب أن يبعد تخفيف الهمزة المبتدأ بها، وإن اتصلت بما قبلها من المتحركات، وعلى تركه العمل، وبه نأخذ (١). فأما علة ما أقرأني به الشيخ أبو الطيب، ، لهشام من تحقيق الهمزة المتطرفة، إذا كان سكونها علما للجزم، فإنها (٢) لمّا تغيّرت الهمزة مرة إلى السكون كره تغييرها مرة أخرى إلى التخفيف، على ما تقدّم من قولنا من العلة لأبي عمرو، في تخفيفه ما سكونه علم للجزم، إذا أدرج القراءة، أو قرأ في الصلاة، مع تخفيفه لكل همزة ساكنة (٣)، وعلى ما قدّمنا من الاختيار في تحقيق الهمزة لأبي عمرو في «بارئكم» إذا أسكنها وقرأ في الصلاة أو أدرج القراءة، فعلة ذلك كله واحدة (٤)، وهي أنه كره تغييره مرة أخرى بعد تغييره السكون قبل ذلك (٥)، ولهذا روي عن ابن مجاهد (٦) أنه


(١) إيضاح الوقف والابتداء «باب ذكر الألفات اللاتي يكن في أوائل الأفعال» ١٥١، ١٦٢ - ١٦٤، والتبصرة ٢٦ /أ - ب، وإبراز المعاني ٩٤، والنشر ١/ ٤٢٤
(٢) ب: «فإنه» وتصويبه من: ص.
(٣) انظر مصادر إحالة الفقرة «١» من «باب ذكر علل الهمزة المفردة».
(٤) ب: «واحد» وتوجيهه من: ص.
(٥) انظر مصادر الفقرة «١٣» من «باب ذكر علل الهمزة المفردة».
(٦) هو أحمد بن موسى بن العباس أبو بكر، أول من سبع السّبعة، قرأ على عبد الرحمن بن عبدوس وقنبل المكي وعبد الله بن كثير صاحب أبي أيوب -