للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذا النص يقطع بأستاذية مكي في هذا العلم، وسعة اطلاعه على ما تقدم في التأليف فيه، ونظرته الممحصة لكل ذلك.

ومثل ذلك هجاء المصاحف ورسمها، وفي ثبت كتبه ما يجزئ عن الكلام عليه، كما أن في تأليفه كتابه «الكشف» الذي له هذه المقدمة ما لا خفاء معه في قيام مكي بهذا الفن.

وأما تجويده القراءة وفنه في أدائها فلا شك أنه متقدم فيه قيّم به، وله كتاب في هذا الفن، قال في مقدمته: «وما علمت أن أحدا من المتقدمين سبقني إلى تأليف مثل هذا الكتاب ولا إلى جمع مثل ما جمعت فيه من صفات الحروف وألقابها ومعانيها، ولا إلى ما أتبعت فيه كل حرف منها من ألفاظ كتاب الله ، والتنبيه على تجويد لفظه والتحفظ به عند تلاوته» (١). وله فيه غير هذا الكتاب أيضا.

ومما ينعقد على القيام به به كثير من العلوم القرآنية كالرواية ومعرفة المناسبة والنزول، العلم بناسخ القرآن ومنسوخه، وله فيه كتابان.

وقام أيضا بعلم الغريب في القرآن. ولا بد له من أن يكون متمكنا من اللغة ونصوصها عارفا لمدلولاتها وتصاريف صيغها حتى يقوم بهذا العلم، وله فيه كتاب خصّه به، ولكن له كتبا أخرى لم يكن ليتسنى له تأليفها من غير أن يكون مضطلعا بالغريب ومقتضى علمه.

وفي استدراكه على ابن مسرّة، فيما ألّفه في القراءات الشاذة وإصلاحه له ما أغفله، ما يقطع على تمكنه من العلم بشاذ القراءة، ويكشف عن قدرته فيه.

وكان مكي أستاذا رائدا بتأليفه في مشكل الإعراب حتى إنه حمل غيره من الأئمة من بعده على التأليف فيه، بل إن له في هذا العلم ما يتصل بمسائله الأمات وأصوله الكبرى (٢).


(١) الرعاية لتجويد القراءة وتحقيق لفظ التلاوة ٢ /أ.
(٢) معجم البلدان ١٩/ ١٧١، وانباه الرواة ٣/ ٣١٨، ووفيات الأعيان ٤/ ٣٦٣

<<  <  ج: ص:  >  >>