للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكقولهم: «ربت رجل رأيت» فدخلت التاء لتأنيث الكلمة. وقد قال قطرب (١) هي بمنزلة «مرضاة، ومرماة» فجعلها هاء تأنيث، وإن لم يكن لها مذكّر.

«٩» فإن قيل: فلم خصّ البزّي الثانية بالوقف عليها دون الأولى في روايته؟

فالجواب على ما قاله القراء: أنه جعلهما جميعا ككلمة واحدة، نحو «اثنتي عشرة» فوقف على الثاني بالهاء، كما وقف على «عشرة»، ولا يحسن عند الوقف على الأولى، لأنها كاسم واحد.

«١٠» وحجة من وقف بالتاء أنه اتبع خط المصحف، وأن من العرب من يخفضه وينوّنه ك «غرفات، وملكوت» (٢) ولا يحسن على هذا فيه إلا الوقف بالتاء. وأيضا فإن الوقف بالتاء إجماع من القراء غير البزّي (٣). وقد قال الأخفش:

هي بمنزلة قولك (٤): كان من الأمر كيت وكيت، وهذا لا يوقف عليه إلا بالتاء.

وأيضا فإن سيبويه قال: «هيهات» اسم بمنزلة الأصوات. وفتح التاء عنده تدلّ على أنه اسم واحد، وكسرتها إذا كسرت تدل على أنه جمع، لم ينطق بواحده (٥).

وأيضا فإن التاء لا يحسن حذفها، فهي أصلية. والتاء الأصلية لا يوقف عليها إلا بالتاء في جميع الكلام. ومعنى «هيهات» غير منون البعد. وإذا نوّنت فمعناها:


(١) اسمه محمد بن المستنير، أحد العلماء باللغة والنحو، أخذ عن سيبويه وجماعة من أهل البصرة، وعنه ابن الجهم، طعن فيه ابن السكّيت (ت ٢٠٦ هـ) ترجم في الفهرست ٨٤، ونزهة الألباء ٩١، وبغية الوعاة ١/ ٢٤١
(٢) أول الحرفين في سورة سبأ (آ ٣٧) والثاني في الأنعام (آ ٧٥).
(٣) ذكر ابن الأنباري أن عيسى بن عمر وأبا عمرو وقفا عليها بالهاء كما ذكر أن الرواية عن أبي عمرو أيضا الوقف بالتاء، وذكر الدّاني وابن الجزري ان الكسائي يقف عليها بالهاء أيضا، انظر إيضاح الوقف والابتداء ٢٩٨، والتيسير ٦٠، والنشر ٢/ ١٢٧
(٤) ب: «قوله» ووجهه ما في: ص.
(٥) كتاب سيبويه ٢/ ٥٥