للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يستعملوا ألسنتهم إلا مرة واحدة (١)، يريد: أنهم لو أتوا بالنون مظهرة للزمهم استعمال ألسنتهم [بالنون] (٢) من مخرج (٣) الساكنة، ومن مخرج غنتها، فكان استعمالهم لها من مخرج غنتها أسهل، مع كثرتها في الكلام، فاستعملوها خفيّة بنفسها، ظاهرة بغنتها، وكان ذلك أخف، إذ لا لبس فيه، فإذا قلت: عنك، ومنك، فمخرج هذه الغنة من الخياشيم. والنون، التي تخرج من طرف اللسان، هي التي خفيت (٤)، فإذا قلت: منه: وعنه، فمخرج هذه النون من طرف اللسان، ومعها غنة تخرج من الخياشيم، لأنها غير مخفاة، إنما هي ظاهرة مع حروف (٥) الحلق، وإذا قلت: «من رّبهم» (٦)، فأدغمت، صار مخرج النون من مخرج الراء، لأنك أبدلت منها راء بدلا محضا عند الإدغام. وإذا قلت:

«من ﴿يُؤْمِنُ» (٧) فأدغمت، فتخرج النون من مخرج الياء، لأنك أبدلت منها في حال الإدغام ياء، غير أنك تبقي الغنة خارجة من الخياشيم، على ما كانت قبل الإدغام، وكذلك التنوين، يجري مجرى النون في كلّ هذه الوجوه، فتقول:

أخفيت النون عند السين، ولا تقل في السين. وخفيت النون عند السين، ولا تقل في السين، وتقول: أدغمت النون في اللام، ولا تقل عند اللام (٨)، فاعلم ذلك وافهمه تعلم به معنى الإدغام ومعنى الإخفاء، فالحروف التي تدغم فيها النون الساكنة والتنوين ستة يجمعها هجاء [قولك] (٩) «يرملون»، والحروف التي تظهر معها الغنة يجمعها هجاء قولك «يومن» على الاختلاف المذكور في الياء والواو.


(١) كتاب سيبويه ٢/ ٥٠١
(٢) تكملة لازمة من: ص.
(٣) ب: «مخارج» ووجهه ما في: ص.
(٤) ص: «خففت».
(٥) ب: «حرف» وتصويبه من: ص.
(٦) تقدم هذا الحرف في الباب نفسه، الفقرة «٢»
(٧) هذا الحرف في سورة آل عمران (آ ١٩٩)
(٨) قوله: «وأدغمت النون … عند اللام» تكرر في: ب.
(٩) تكملة موضحة من: ص.