للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

«٦» السادس: أن النون الساكنة والتنوين يخفيان عند باقي الحروف التي لم يتقدّم لها ذكر، نحو: «من شاء، ومن كان، ومن جاء، ومن قبل» (١) وشبهه، ولا تشديد في الإخفاء لأن الحرف أيضا يخفى بنفسه، لا في غيره، والإدغام إنما هو أن تدغم الحرف في غيره، فلذلك يقع فيه التشديد، والغنة ظاهرة مع الإخفاء، كما كانت مع الإظهار، لأنه كالإظهار، فالغنة التي في الحرف الخفي هي النون الخفية، وذلك أن النون الساكنة مخرجها من طرف اللسان وأطراف الثنايا، ومعها غنة تخرج من الخياشيم، فإذا خفيت لأجل ما بعدها زال، مع الخفاء، ما [كان] (٢) يخرج من طرف اللسان منها، وبقي ما كان يخرج من الخياشيم ظاهرا. وعلة إخفاء (٣) النون والتنوين عند هذه الحروف، أن النون الساكنة قد صار لها مخرجان: مخرج لها، وهو المخرج التاسع، ومخرج لغنتها، وهو المخرج السادس عشر على مذهب سيبويه (٤)، فاتسعت بذلك في المخرج (٥)، بخلاف سائر الحروف، فأحاطت، باتساعهم بذلك في المخرج، بحروف الفم، فشاركتها بالإحاطة بها، فخفيت عندها، وكان ذلك أخف، لأنهم لو استعملوها مظهرة لعمل اللسان فيها من مخرجها، ومن مخرج غنتها، فكان خفاؤها أيسر ليعمل اللسان مرة واحدة، ولذلك قال سيبويه في تعليل خفائها قال: وذلك لأنها من حروف الفم، وأصل الإدغام لحروف الفم لأنها أكثر الحروف، فلمّا وصلوا إلى أن يكون لها مخرج من غير الفم، يعني من الخياشيم، كان أخف عليهم ألا


(١) الأحرف على ترتيبها في سورة الكهف (آ ٢٩)، الثاني والرابع في البقرة (آ ٩٧، ٢٥) والثالث في الأنعام (آ ١٦٠).
(٢) تكملة لازمة من: ص.
(٣) ب: «خفاء».
(٤) كتاب سيبويه ٢/ ٤٨٩
(٥) ص: «فاتسعت المخارج».