للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الواو والياء في كلمة، لم يكونا إلا مظهرين، لأنك لو أدغمت لالتبس بالمضاعف، فتقول: الدنيا وبنيان وقنوان وصنوان، بالإظهار، وهذا كلّه إجماع من القراء على ما بيّنا وعلّلنا (١).

«٥» الخامس: أن النون الساكنة والتنوين ينقلبان ميما إذا لقيتهما باء، نحو قوله: ﴿أَنْ بُورِكَ﴾ «النمل ٨» و ﴿هَنِيئاً بِما كُنْتُمْ﴾ «الطور ١٩»، وكذلك النون تأتي (٢) بعدها الباء في كلمة، نحو: ﴿أَنْبِئْهُمْ﴾ «البقرة ٣٣» و «عنبر»، ولا تشديد في هذا (٣)، إنما هو بدل لا إدغام فيه، لكن الغنة التي كانت في النون باقية، لأن الحرف الذي أبدلت من النون حرف فيه غنة أيضا، وهو الميم الساكنة، فلا بد من إظهار الغنة في البدل، كما كانت في المبدل منه، وهذا البدل إجماع من القراء. وعلة بدل النون الساكنة ميما إذا لقيتها باء ''أن الميم مؤاخية للباء، لأنها من مخرجها ومشاركة لها في الجهر، والميم أيضا مؤاخية للنون في الغنة وفي الجهر، فلمّا وقعت النون قبل الباء، ولم يمكن إدغامها في الباء، لبعد ما بين مخرجيهما، وبعد إظهارها لما بينهما من الشبه، ولما بين النون وأخت الباء من الشبه وهي الميم، أبدلت منها حرفا مؤاخيا لها في الغنة، ومؤاخيا للياء في المخرج، وهو الميم. ألا ترى أنهم لم يدغموا الميم في الباء، مع قرب المخرجين، والمشاركة في الجهر، نحو قوله: ﴿وَهُمْ بِرَبِّهِمْ﴾ «الأنعام ١٥٠». وقال سيبويه في تعليل امتناع إدغام الميم في الباء قال: لأنهم يقلبون النون ميما في قولهم (٤): «العنبر، ومن بدالك» فلمّا وقع قبل الباء الحرف الذي يفرون إليه من النون لم يغيّروه، وجعلوه بمنزلة النون، إذا كانا حرفي غنة. قال: ولم يجعلوا النون باء لبعدها من مخرج الباء، ولأنها ليست فيها غنة. قال: ولكنهم أبدلوا مكانها أشبه الحروف بالنون وهي الميم (٥).


(١) كتاب سيبويه ٢/ ٥٠١
(٢) لفظ «تأتي» سقط من: ص.
(٣) ص: «غير هذا».
(٤) ب: «قوله» وتصويبه من: ص.
(٥) كتاب سيبويه ٢/ ٤٩٧