للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقد كانت فيه غنة، حرفا فيه غنة أيضا، وهو الميم، فصارت الغنة لازمة للفظ الحرف (١) الأول. وإذا أدغمت النون في الياء والواو أبدلت من النون حرفا لا غنة فيه، فلم تكن الغنة لازمة للحرف الأول، لأنه لا تلزمه الغنة، سكن أو تحرك، فتصير الغنة ظاهرة في حال اللفظ بالمدغم، خارجة من الخياشيم. وهذا إجماع من القراء غير خلف عن حمزة، فإنه أدغم في الياء والواو بغير غنة على أصل الإدغام (٢).

وعلة إدغام النون الساكنة والتنوين في الياء والواو وإظهار الغنة، هي (٣) ما بينهن من التشابه، وذلك أن الغنة التي في النون تشبه المد واللين، اللذين في الياء والواو، فحسن الإدغام لذلك. وأيضا فإن الواو من مخرج الميم (٤) فأدغمت النون فيها، كما تدغم في الميم لمؤاخاة الميم الواو في المخرج، ولذلك بقيت الغنة ظاهرة، كما تبقى في الميم والياء والواو. ولأنه لمّا (٥) كانت الواو تدغم في الياء نحو: طيّا وليّا (٦)، جاز إدغام النون الساكنة في الياء، كما جاز في الواو، وعلى هذا جماعة القراء، لكن الغنة ظاهرة مع اللفظ بالمشدّد، لا في نفس الحرف الأول، كأنها بين الحرفين المدغمين، فهو إدغام ناقص التشديد لبقاء الغنة ظاهرة فيه. والغنة في جميع هذا كله صوت يخرج من الخياشيم، والحرف الذي فيه الغنة، إن كان ميما، فمن بين الشفتين يخرج، وإن كان نونا، فمن طرف اللسان وأطراف الثنايا يخرج، فحرف الغنة له مخرجان، فإذا أدغمته أدغمت ما يخرج من الفم منه، وأبقيت ما يخرج من الخياشيم ظاهرا، فلا يتمكن التشديد مع بقاء الغنة ظاهرة. فإن أدغمت حرف الغنة في الراء واللام أدغمت ما يخرج من المخرجين جميعا، ولم تبق شيئا فيتمكن التشديد، إذ لم (٧) تبق من الحرف شيئا، ولو وقعت النون قبل


(١) ب: «الحروف» وتصويبه من: ص.
(٢) التبصرة ٣٨ /أ، والتيسير ٤٥، والنشر ٢/ ٢٤
(٣) ب: «وهي» وبطرح الواو صوابه كما في: ص.
(٤) ص: «النون».
(٥) ص: «ولما».
(٦) قوله: «نحو طيا وليا» سقط من: ص.
(٧) ص: «وإن لم».