للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إمالتها، لأن بعدها وقبلها، ما أصل ألفه الياء، فأتبعت لفظ ما قبلها وما بعدها، من الألفات الممالات اللواتي أصلها الياء. وحسن ذلك أيضا لأنها لغة لبعض العرب، يحملون الإمالة في ذوات الواو على حكم ذوات الياء في الأفعال خاصة، فتفرّد الكسائي بإمالتها، وقرأها أبو عمرو بين اللفظين، وفتح الباقون (١).

«١١» فإن قيل: فلم أمال حمزة والكسائي «العلى» (٢) وهو من «العلو» والألف ثالثة؟

فالجواب أن «العلى» جمع «علياء» وأصل الياء في «العلياء» الواو، لأنه من «العلو»، لكنها ردّت إلى الياء، لأنه صفة، والصفة أثقل من الاسم، والياء أخفّ من الواو، فردّت إلى الياء للخفّة، كما قالوا: دنيا، وهو من «الدنو». وحق الجمع أن يتضمن باقي الواحد من الحروف، فبقيت الياء التي في «علياء» على حالها في الجمع، وهو «العلى»، فأميل لذلك. وأيضا فإن الواحد، وهو «العلياء» يمال لألف التأنيث، فجرى الجمع في الإمالة على ذلك، وإن لم تكن فيه ألف التأنيث للإتباع. وأمال الكسائي من الأسماء ذوات الواو «والربا» حيث وقع، و «الضحى، وضحاها» (٣) ووافقه حمزة على ذلك في هذه الأسماء خاصة (٤). وعلة إمالتهما لذلك، أن لغة كثير من العرب أن يثنّوا ما كان من الأسماء من ذوات الواو مضموم الأول أو مكسورة بالياء، فيقولون في تثنية: ربا، ربيان، وفي: ضحى، ضحيان. والعرب تفرّ من الواو إلى الياء في


(١) التبصرة ٣٩ /أ، والتيسير ٤٩، والنشر ٢/ ٣٦، والمختار في معاني قراءات أهل الأمصار ٥ /أ، وكتاب سيبويه ٢/ ٣١١، وإيضاح الوقف والابتداء ٤٣٧، والقاموس المحيط «دحو، تلو، سجو».
(٢) الحرف في سورة طه (آ ٤)، انظر التيسير ٤٧، والنشر ٢/ ٣٦
(٣) أول الأحرف في سورة البقرة (آ ٢٧٥)، الضحى (آ ١)، الشمس (آ ١).
(٤) التبصرة ٤٠ /أ، والتيسير ٤٩، والنشر ٢/ ٣٥