للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حروفها، فكره [ابن مجاهد] (١) أن ينحى بهذه الحروف نحو الكسرة بعد استعلائها وتصعّدها وانطباقها بالحنك. فكان الفتح أولى بها، لأنه أشبه بحالها من الكسر، لأن الكسر ضد حالها، وحروف الاستعلاء سبعة: الغين، والخاء، والقاف، والطاء، والظاء، والصاد، والضاد،. وكذلك اختيار القراء الفتح مع الراء، إذا انفتح ما قبلها، أو كان ساكنا غير الياء، قبله فتحة، لأن الراء حرف تكرير، الفتحة عليه قوية، كأنها فتحتان، فإذا انفتح ما قبلها، أو انفتح ما قبل الساكن الذي قبلها، تقوّى الفتح فيها، وصار كأنّ قبل هاء التأنيث ثلاث فتحات. فبعد أن ينحى بذلك نحو الكسرة لتمكّنه في الفتح. وكذلك اختاروا الفتح فيما قبل هاء التأنيث، إذا كان همزة أو هاء، قبلها فتحة أو ضمة، أو ساكن غير الياء، ليس قبلها كسرة، نحو: «سفاهة، والنشأة، ومحشورة، وبررة» (٢)، كلّ هذا الاختيار فيه الفتح.

وعلة ذلك أن الهمزة والهاء من حروف الحلق، وحروف الحلق بعيدة من الكسر، لبعدها من الياء، قوية في الفتح، لقربها من الألف. وكذلك الحاء والعين فيما ذكرنا أولا، فلمّا كانت كذلك قوي الفتح وبعد الكسر، فتركت على فتحتها، واختير ذلك فيها. فإن انكسر ما قبلها، أو كان ياء قويت الإمالة، وجازت، واستعملت في قراءة الكسائي، لأن الكسرة والياء توجبان الإمالة فسهلا إمالة ما بعدهما وحسناه نحو: «بالخاطئة، وفاكهة، والآخرة» (٣)، وكان أبو الطيب يقول: إذا وقع قبل الهمزة ساكن أمال الكسائي الهمزة في الوقف، ولا يسأل عن حركة ما قبل الساكن، غير أنه استثنى «براءة» بالفتح في الموضعين (٤).

وقد أضاف قوم امتناع الإمالة مع الكاف، لقربها من القاف، ومذهب أبي


(١) تكملة موضحة من: ص.
(٢) الأحرف على ترتيبها في سورة الأعراف (آ ٦٦)، العنكبوت (آ ٢٠)، ض (آ ١٩)، عبس (آ ١٦).
(٣) أول الأحرف في سورة الحاقة (آ ٩)، يس (آ ٥٧)، البقرة (آ ٤).
(٤) أولهما في سورة التوبة (آ ١)، والثاني في القمر (آ ٤٣).