للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

«آدم» ورفع «كلمات»، وقرأه الباقون برفع آدم، ونصب «الكلمات» والتاء مكسورة في حال النصب، على سنن العربية (١).

وعلة من نصب «آدم» ورفع «الكلمات» أنه جعل «الكلمات» استنقذت «آدم» بتوفيق الله له، لقوله إياها، والدّعاء بها، فتاب الله عليه.

وأيضا فإنه لمّا كان الله، جلّ ذكره، من أجل الكلمات تاب الله عليه، بتوفيقه إياه لقوله لها (٢)، كانت هي التي أنقذته، ويسرت له التوبة من الله، فهي الفاعلة، وهو المستنفذ بها، وكان الأصل أن يقال على هذه القراءة: فتلقّت آدم من ربه كلمات لكن لمّا كان (٣) بعد ما بين المؤنث وفعله حسن حذف علامة التأنيث، وهو أصل يجري في كل القرآن، إذا جاء فعل المؤنث بغير علامة. وقيل: إنما ذكّر، لأنه محمول على المعنى، لأن الكلام والكلمات واحد، فحمل على الكلام فذكّر. وقيل: ذكّر لأن تأنيث الكلمات غير حقيقي، إذ لا ذكر لها من لفظها، وبذلك قرأ ابن عباس ومجاهد وأهل مكة (٤).

«٢٢» وعلة من قرأ برفع «آدم» ونصب «الكلمات» أنه جعل «آدم» هو الذي تلقّى الكلمات، لأنه هو الذي قبلها ودعا بها، وعمل بها، فتاب الله عليه. فهو الفاعل لقبوله الكلمات، فالمعنى على ذلك، وهو الخطاب، وفي تقديم «آدم» على الكلمات تقوية أنه الفاعل. وقد قال أبو عبيد في معنى «فتلقى آدم من ربه كلمات» معناه: قبلها، فإذا كان آدم قابلا فالكلام مقبول، فهو المفعول وآدم الفاعل، وعليها الجماعة، وهي قراءة الحسن والأعرج وشيبة وأهل المدينة وعيسى بن عمر والأعمش، وهي قراءة العامة، وهي اختيار أبي


(١) التبصرة ٥٠ /ب، والتيسير ٧٣، والنشر ٢/ ٢٠٣
(٢) ب: «لقولها» ورجحت ما في: ص.
(٣) لفظ «كان» سقط من: ص.
(٤) تفسير النسفي ١/ ٤٣