للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(قد ﴿جاءَكُمْ بَيِّنَةٌ﴾ «الأنعام ١٥٣» وقال: ﴿وَأَخَذَ الَّذِينَ ظَلَمُوا الصَّيْحَةُ﴾ «هود ٦٧» وقال: ﴿لَوْلا أَنْ تَدارَكَهُ نِعْمَةٌ﴾ «القلم ٤٩» وهو كثير، أتى على التذكير إجماع، فكان حمل هذا على ما أجمعوا عليه أولى. ويقوى التذكير إجماع القراء على تذكير الفعل مع ملاصقته للمؤنث في قوله: ﴿وَقالَ نِسْوَةٌ﴾ «يوسف ٣٠» وقوله: ﴿وَإِنْ كانَ طائِفَةٌ﴾ «الأعراف ٨٧» فإذا جاء التذكير بغير حائل فهو مع الحائل أجود وأقوى، والاختيار الياء، لما ذكرنا من العلة، ولأن به قرأ أكثر القراء (١)، وذلك حجة. وكلّ ما وقع مثل هذا في التأنيث والتذكير أقول: علته كعلة (ولا يقبل)، فيستغنى عن إعادة هذه العلل وتكريرها، فاعلم ذلك.

«٢٥» قوله: ﴿وَإِذْ واعَدْنا﴾ قرأ أبو عمرو بغير ألف، ومثله في الأعراف وطه، وقرأه الباقون بألف بعد الواو (٢).

«٢٦» وعلة من قرأ بغير ألف إجماعهم على قوله: ﴿أَلَمْ يَعِدْكُمْ﴾ «طه ٨٦» ولم يقل «يواعدكم» فالوعد من الله، جلّ وعزّ، وعده لموسى. وأيضا فإن المفاعلة أكثر ما تكون من اثنين بين البشر، والوعد من الله وحده كان لموسى، فهو منفرد بالوعد والوعيد، وعلى ذلك جاء القرآن، قال تعالى ذكره: ﴿وَعَدَكُمْ﴾ «إبراهيم ٢٢»، و ﴿إِذْ يَعِدُكُمُ﴾ «الأنفال ٧» و ﴿النّارُ وَعَدَهَا﴾ «الحج ٧٢» و ﴿أَلَمْ يَعِدْكُمْ﴾ «طه ٨٦». وأيضا فإن ظاهر اللفظ، فيه وعد من الله لموسى، وليس فيه وعد من موسى، فوجب حمله على الواحد بظاهر النص، لأن الفعل مضاف إلى الله وحده، وهو اختيار أبي عبيد، وهي قراءة الحسن وأبي رجاء وأبي جعفر وشيبة وعيسى بن عمر، وبه قرأ قتادة وابن أبي إسحاق. قال أبو حاتم: قراءة العامّة عندنا «وعدنا» بغير ألف. وقال: إن المواعدة أكثر ما تكون بين المخلوقين والمتكافئين، كل واحد يعد صاحبه.


(١) ص: «قرأ الحرميان وعاصم وابن عباس».
(٢) سيأتي ذكر هذا الحرف في سورتي الأعراف وطه وفي هذه، الفقرة «١٨» انظر التبصرة ٥٠ /ب، والتيسير ٧٣، والنشر ٢/ ٢٠٤