للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

«٢٧» وعلة من قرأ بألف أنه جعل المواعدة من الله ومن موسى، وعد الله موسى لقاءه على الطّور ليكلّمه ويناجيه، ووعد موسى الله المسير لما أمره به. والمواعدة أصلها من اثنين، وكذلك هي في المعنى، ويجوز أن تكون المواعدة من الله جلّ ذكره وحده. فقد تأتي المفاعلة من واحد في كلام العرب. قالوا:

طارقت النّعل، وداويت العليل، وعاقبت اللّص، والفعل من واحد. فيكون لفظ المواعدة من الله خاصة لموسى كمعنى «وعدنا». فتكون القراءاتان بمعنى واحد، وليس يبعد أن تكون المواعدة في هذا من اثنين، فيصحّ «واعدنا»، لأن موسى لا بدّ أن يكون منه وعد لإتيانه ما أمر به، فيكون من باب «واعدنا»، أو يكون موسى كان منه قبول الوعد والتّحري لإنجازه (١)، والوفاء به، فيقوم ذلك منه مقام الوعد، ويجري منه قبول إلى معنى المفاعلة، فتلزم القراءة بالألف في الوجهين جميعا. وقد قال الله: ﴿وَلكِنْ لا تُواعِدُوهُنَّ سِرًّا﴾ «البقرة ٢٣٥» فأتى بالمواعدة، لأن التواعد كان من الخاطب ومن المخطوبة، والاختيار «واعدنا» بالألف لأنه بمعنى «وعدنا» في أحد معنييه، ولأنه لا بدّ لموسى من وعد أو قبول، يقوم مقام الوعد، فتصحّ المفاعلة على الوجهين جميعا، ولأنه عليه أكثر القراء، وهو اختيار أبي طاهر (٢).

«٢٨» قوله: (ينصركم، وبارئكم) وشبهه، قرأه أبو عمرو في رواية الرّقيّين عنه بإسكان الراء والهمزة في «بارئكم» و «يأمرهم» و «يشعركم» و «ينصركم» (٣) و «بارئكم» على ما ذكرنا في الكتاب الأول. وقرأ في رواية العراقيين عنه باختلاس حركة الراء والهمزة في ذلك. واختيار اليزيدي (٤)


(١) ب: «ولإنجازه» وبطرح الوجه كما في: ص.
(٢) الحجة في القراءات السبع ٥٣، وزاد المسير ١/ ٧٩، والمختار في معاني قراءات أهل الأمصار ٦ /ب، والكشف في نكت المعاني والإعراب ٥ /ب.
(٣) الأحرف، غير حرف سورة البقرة، على ترتيبها في سورة البقرة (آ ٦٧)، الأنعام (آ ١٠٩)، آل عمران (آ ١٦٠).
(٤) اسمه يحيى بن المبارك أبو محمد، وعرف بهذه النسبة لصحبته يزيد بن -