للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بالهمز، وقرأ الباقون بغير همز، إلاّ في موضعين في سورة الأحزاب (١)، فإن قالون لا يهمزهما (٢) ويشدّد الياء على أصله في الهمزتين المكسورتين، وتسهيله للأولى منها، فهذه همزة قبلها ياء زائدة، زيدت للمدّ، فحكمها أن تبدل منها ياء، وتدغم فيها الياء الزائدة، التي قبلها، على الأصول المتقدمة في تخفيف الهمزة (٣).

«٣٧» وحجة من همز أنه أتى به على الأصل، لأنه من النبأ الذي هو الخبر، لأن النبي مخبر عن الله، جلّ ذكره، فهي تبنى على «فعيل» بمعنى «فاعل»، أي: منبيء عن الله، أي مخبر عنه بالوحي، الذي يأتيه من الله.

فأصله بالهمز، فأتى به على أصله، ومعناه من الله. قال سيبويه: وكلّ يقول تنبأ مسيلمة (٤)، فيهمزون (٥). وأجمعوا على الهمزة في «النبآء» جمع «نبيء»، فدلّ ذلك على أنه من «النباء»، وليس من النباوة، التي هي الرفعة. وأيضا فإن وقوع اسم الأخبار عن الرسول أولى من وقوع اسم الرفعة، لأنه للإخبار عن الله أرسل. فأما من ترك همزه فإنه أجراه على التخفيف، لكثرة دوره واستعماله، فأبدل من الهمزة حرفا من جنس ما قبلها، وأدغم ما قبلها في البدل، فقال: «النبي، والنبوة». ولمّا أتى الجمع المكسّر، ولم يكن قبل الهمزة حرف زائد، وجب أن يجري على الأصول في التخفيف، فأبدل منها ياء مفتوحة، لانكسار ما قبلها.

وذلك «الأنبياء»، فهو مثل قوله: «من الشّهداين تضل» في قراءة الحرميين


(١) هما الحرفان (آ ٥٠، ٥٣).
(٢) ب: «يهمزها» وتصويبه من: ص.
(٣) التبصرة ٥١ /أ، والتيسير ٧٣، والنشر ١/ ٤٠٠، ٢/ ٢٠٧
(٤) أحد من كان في وفد بني حنيفة على رسول الله ، وإذ عاد ارتدّ وتنبّأ، حتى قتله سيف الله خالد بن الوليد، انظر الاشتقاق ١٤٤، ٢٢٣، ٤٥٧، وجوامع السيرة ١١، ٨٥، ١٦٦، ٢٥٩، ٣٣٩، ٣٤٠، ٣٤١.
(٥) كتاب سيبويه ٢/ ١٤٥