للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

﴿تُنَزِّلَ عَلَيْنا﴾ «الإسراء ٩٣» وكذلك المشدد في الحجر في قوله: ﴿وَما نُنَزِّلُهُ إِلاّ بِقَدَرٍ﴾ «٢١»، وإنما خصّ هذين الموضعين، ليبيّن بالتشديد معنى التكرير في النزول، لأن التشديد يدل على التكرير. فلمّا كان القرآن ينزل شيئا (١) بعد شيء شدّد، ليدل على هذا المعنى، إذ لو خفّف لجاز أن ينزل مرة واحدة على النبي . ولم يكن كذلك، وشدّد ﴿وَما نُنَزِّلُهُ إِلاّ بِقَدَرٍ﴾ ليدل على نزول المطر شيئا (٢) بعد شيء، إذ لو خفّف لجاز أن ينزل المطر مرة واحدة، وليس [الأمر] (٣) كذلك. والتشديد للتكرير في الفعل، فهو يدل على هذه المعاني.

وخالف أيضا أبو عمرو في موضعين، فشدّد قوله في الأنعام: ﴿قادِرٌ عَلى أَنْ يُنَزِّلَ﴾ «٣٧» فشدّده حملا على صدر الكلام لأن قبله: ﴿وَقالُوا لَوْلا نُزِّلَ عَلَيْهِ﴾، ومستقبل «نزّل» «ينزّل»، فحمله على ما قبله، وأجراه عليه، وعلى لفظه. والموضع الثاني في الحجر: ﴿وَما نُنَزِّلُهُ إِلاّ بِقَدَرٍ﴾ «٢١»، وقد مضت علته (٤). وقرأ الباقون بالتشديد في ذلك كله، حملوه على «نزّل» والتشديد أبلغ، لأنه يدل على تكرير الفعل غير أن حمزة والكسائي خفّفا موضعين في لقمان: ﴿وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ﴾ «٢٤» وفي الشورى: ﴿يُنَزِّلُ الْغَيْثَ﴾ «٢٨» جعلاه من «أنزل»، وحملاه على قوله تعالى: ﴿أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَسالَتْ﴾ «الرعد ١٧»، وكلّه في نزول القطر (٥).

«٥٦» قوله: (جبريل) قرأه ابن كثير بفتح الجيم، وبياء بعد الراء، مع كسرها من غير همز، ومثله أبو بكر، غير أنه همز همزة مكسورة بعد الراء، وفتح الراء. ومثله حمزة والكسائي، غير أنهما زادا ياء بعد الهمزة، وقرأ الباقون


(١) ب: «شيء». وتصويبه من: ص.
(٢) تكملة موضحة من: ص.
(٣) انظر كلامه على علة الحرف (آ ١٠) في هذه السورة. الفقرة «٤ - ٦»، وكذلك نظيره في سورة الأنعام، الفقرة «١٥ - ١٦».
(٤) التيسير ٧٥، والحجة في القراءات السبع ٦٢، وزاد المسير ١/ ١١٤، والكشف في نكت المعاني والإعراب ١١ /ب.