للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عن الأعرف دون الأنكر، ألا ترى أن النكرات لا يخبر عنها. وأيضا فإن «البر» تعريفه ضعيف، لأنه يدل على الجنس، ليس يدل على شخص بعينه، وتعريف الجنس ضعيف، لأنه كالنكرة، فصار «أن» والفعل أقوى من «البر» في التعريف بكثير، فوجب أن يكون الأعرف هو الاسم، وهو «أن» وما بعدها، ووجب نصب البر على الخبر.

«١٠٩» ووجه القراءة بالرفع أن اسم «ليس» كالفعل، ورتبة الفاعل أن يلي الفعل، فلمّا ولي «البر» «ليس» رفع. ولو نصب «البر» لوجب أن يكون الكلام غير رتبته، وأن ينوى ب «البر» التأخير، فيكون الكلام على رتبته، التي أتت به التلاوة، أولى من أن يحدث فيه ما يحتاج معه إلى التقديم والتأخير. ويقوي رفعه (١) رفع «البر» الثاني، الذي معه الباء إجماعا في قوله:

﴿وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوا﴾ «١٨٩» ولا يجوز فيه إلا رفع «البر»، فحمل الأول على الثاني أولى من مخالفته له، ويقوي رفع «البر» أيضا أن في مصحف ابن مسعود: «ليس البر بأن تولوا» بزيادة باء، وهذا لا يكون معه إلا رفع «البر»، وهو الاختيار، لإجماع القراء عليه، ولأنه رتبة الكلام، وبه قرأ الحسن والأعرج، ويقوي ذلك أن (٢) في مصحف أبيّ: «ليس البر بأن تولوا» كمصحف ابن مسعود. والرفع في «البر» اختيار أبي عبيد وأبي حاتم وغيرهما، وبه قرأ الحسن والأعرج وشيبة ومسلم بن جندب وابن أبي إسحاق وعيسى وابن محيصن وشبل وغيرهم. والنصب قوي في «البر» من باب التعريف، فالقراءتان حسنتان (٣).


(١) قوله «رفعه» سقط من: ص.
(٢) قوله: «ان في مصحف … ذلك ان» سقط من: ص.
(٣) الحجة في القراءات السبع ٦٩، وزاد المسير ١/ ١٧٨، وتفسير ابن كثير ١/ ٢٠٧، وتفسير النسفي ١/ ٩٠، والمختار في معاني قراءات أهل الأمصار ١١ /ب، وتفسير مشكل إعراب القرآن ٢١ /أ.