للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

«١٢٤» ووجه القراءة بالرفع والتنوين أن «لا» بمعنى «ليس» فارتفع الاسم بعدها، لأنه اسمها، والخبر محذوف، تقديره: فليس رفث ولا فسوق في الحج، ودلّ عليه «في الحج» الثاني الظاهر، وهو خبر «ولا جدال»، ويجوز أن ترفع «رفث وفسوق» بالابتداء، و «لا» للنفي، فالخبر محذوف أيضا، ولا يحسن أن يكون «في الحج» الظاهر خبرا عن الأسماء الثلاثة، لأن خبر «ليس» منصوب، وخبر «جدال» مرفوع، لأن «ولا جدال» اسم واحد، في موضع رفع بالابتداء، ولا يعمل عاملان في اسم واحد، ولو رفع «ولا جدال» ونوّن مثل ما قبله لكان «في الحج» الظاهر خبرا عن الثلاثة الأسماء، لأن الأسماء الثلاثة، كل واحد مع «لا» في موضع رفع بالابتداء والعطف، ومنعه الأخفش لأنه يرى ارتفاع الخبر بعد «لا» الثانية، وبالرفع قرأ مجاهد وابن محيصن.

«١٢٥» ووجه القراءة بالفتح، من غير تنوين، أنه أتى ب «لا» للنفي، لتدلّ على النفي العام، فنفى جميع الرفث وجميع الفسوق كما تقول: لا رجل في الدار، فتنفي جميع الرجال، ولا يكون ذلك إذا رفع ما بعد «لا» لأنها تصير «لا» بمعنى «ليس»، ولا تنفي إلا الواحد، والمقصود في الآية نفي جميع الرفث والفسوق، فكان الفتح أولى به لتضمنه لعموم الرفث كله، والفسوق كله، لأنه لم يرخّص في ضرب من الرفث ولا في ضرب من الفسوق، كما لم يرخّص في ضرب من الجدال، ولا يدل على هذا المعنى إلا الفتح، لأنه للنفي العام، وإجماع القراء على فتح «ولا جدال» يقوي فتح ما قبله، ليكون الكلام على نظام واحد، في عموم المنفي كله، في الأسماء الثلاثة، في موضع رفع، كل واحد مع «لا».

وقوله «في الحج» خبر عن جميعها، والفتح وجه القراءة لعمومه، ولإجماع أكثر القراء عليه، ولاتفاق أول الكلام مع آخره، وبه قرأ الأعرج وشيبة والأعمش وأبو رجاء والحسن وابن أبي إسحاق وعيسى (١).


(١) زاد المسير ١/ ٢١٠، وتفسير ابن كثير ١/ ٢٣٦، والنشر ٢/ ٢٠٤، وتفسير النسفي ١/ ١٠١، وإيضاح الوقف والابتداء ٥٤٥، وتفسير مشكل إعراب القرآن ٢٣ /أ.