للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

«١٢٨» قوله: ﴿تُرْجَعُ الْأُمُورُ﴾ قرأه (١) ابن عامر وحمزة والكسائي بفتح التاء وكسر الجيم، حيث وقع، بنوا الفعل للفاعل، لأنه المقصود، ويقوي ذلك إجماعهم على: ﴿أَلا إِلَى اللهِ تَصِيرُ الْأُمُورُ﴾ «الشورى ٥٣» وقوله: ﴿إِلَى اللهِ مَرْجِعُكُمْ﴾ «المائدة ٤٨» فبنى الفعل للفاعل، فحمل هذا على ذلك. وقرأ الباقون بضمّ التاء وفتح الجيم، بنوا الفعل للمفعول، ويقوي ذلك إجماعهم على قوله:

﴿ثُمَّ رُدُّوا إِلَى اللهِ﴾ «الأنعام ٦٢» و ﴿لَئِنْ رُدِدْتُ إِلى رَبِّي﴾ «الكهف ٣٦» فبني الفعل للمفعول، وهو إجماع، فألحق هذا به، لأنه مثله، فالقراءتان حسنتان بمعنى، والأصل أن يبنى الفعل للفاعل، لأنه محدثه بقدرة الله جل ذكره، وبناؤه للمفعول توسّع وفرع (٢).

«١٢٩» قوله: ﴿حَتّى يَقُولَ الرَّسُولُ﴾ قرأه نافع بالرفع، وقرأه الباقون بالنصب. ووجه القراءة بالرفع أن الفعل دالّ على الحال، التي كان عليها الرسول، ولا تعمل «حتى» في حال. فلمّا كان ما بعدها للحال لم تعمل فيه. والتقدير:

وزلزلوا فيما مضى حتى إن الرسول يقول: متى نصر الله، فحكى الحال، التي عليها الرسول قبل، كما حكيت الحال في قوله: ﴿هذا مِنْ شِيعَتِهِ وَهذا مِنْ عَدُوِّهِ﴾ «القصص ١٥» وفي قوله: ﴿وَكَلْبُهُمْ باسِطٌ ذِراعَيْهِ﴾ «الكهف ١٨» فإنما حكى حالا كانوا عليها ليست (٣) حالا هم الآن عليها، فكذلك «حتى يقول الرسول» حكى حالا كان عليها الرسول فيما مضى. والرفع بعد حتى على وجهين: أحدهما أن يكون السبب الذي أدى الفعل، الذي قبل «حتى» قد مضى، والفعل المسبب لم يمض، ولم ينقطع، نحو قولك: مرض حتى لا يرجونه، أي:


(١) ص: «قرأ»، وسيأتي ذكر هذا الحرف في السورة نفسها، الفقرة «٢٠٢»، وسورة المؤمنين، الفقرة «٢٣»، وسورة القصص، الفقرة «١٠».
(٢) النشر ٢/ ٣٠١، وتفسير النسفي ١/ ١٠٥، والمختار في معاني قراءات أهل الأمصار ١٣ /ب.
(٣) ب: «ليس» ورجحت ما في: ص.