للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

توطأ الحائض، وهما: انقطاع الدم، والتطهر (١) بالماء. وليس مع التشديد للطاء فيها دليل على أن انقطاع الدم شرط للوطء. فالقراءة بالتخفيف فيها بيان الحكم وفائدته. وهو الاختيار لأن فيها بيان إباحة الوطء بعد انقطاع الدم والتطهير بالماء.

وقرأ الباقون بفتح الهاء مشددا، على معنى التطهير بالماء دليله إجماعهم على التشديد في قوله: ﴿فَإِذا تَطَهَّرْنَ﴾ فحمل الأول على الثاني، وأيضا فإن التخفيف، في الأول، يوهم جواز إتيان الحائض، إذا ارتفع عنها الدم، وإن لم تطهر بالماء [فكأن التشديد فيه رفع التوهم، أو هي في حكم الحائض ما لم تطهر] (٢)، وهي ممنوعة من الصلاة ما لم تتطهّر، ولزوجها مراجعتها ما لم تطهر بالماء. وإن كان الدم قد انقطع، وهذا قول عمر وعبادة بن الصّامت (٣) وأبي الدّرداء. وقال الشعبي: روي ذلك عن ثلاثة عشر من الصحابة منهم أبو بكر وعمر وابن مسعود وابن عباس، فإذا كان حكم انقطاع الدم، من غير غسل، حكم ثبوته، ووجب (٤) أن يؤثر التشديد، ليفيد الخروج عن حكم الحائض في جواز الوطء، وإباحة الصلاة ومنع الرجعة. ويدل على قوة التشديد أن في حرف أبيّ وابن مسعود «حتى يتطهّرن» بياء وتاء. وهذا يدلّ على التطهّر بالماء، ويدل على إدغام التاء في الطاء (٥). قال أبو محمد: ولولا اتفاق الحرميين، وابن عامر وأبي عمرو وحفص على التخفيف، لكان التشديد مختارا أيضا، لما ذكرنا من العلة.

«١٣٦» قوله: ﴿إِلاّ أَنْ يَخافا﴾ قرأ حمزة بضم الياء، وفتحها الباقون.


(١) ب: «والتطهير» ووجهه من: ص.
(٢) تكملة لازمة من: ص.
(٣) عبادة بن الصامت، صحابي جليل، واحد النقباء ليلة العقبة، وأعيان البدريين (ت ٣٤ هـ)، ترجم في طبقات ابن سعد ٣/ ٥٤٦، ٦٢١، والجرح والتعديل ١/ ٩٥/٣.
(٤) ب: «وجب» وتوجيهه من: ص.
(٥) الحجة في القراءات السبع ٧٣، وزاد المسير ١/ ٢٤٨، وتفسير ابن كثير ١/ ٢٥٩، وتفسير النسفي ١/ ١١١، والمختار في معاني قراءات أهل الأمصار ١٤ /أ.