للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لكن حذف الابتداء، لصلته من الجواب، لدلالة الأول عليه. وكذلك هو في الآية مع «العفو».

«١٣٤» ووجه القراءة بالنصب أن تكون «ما» و «ذا» اسما واحدا في موضع نصب ب «ينفقون»، فيجب أن يكون الجواب أيضا منصوبا، كما تقول:

ما أنفقت؟ فتقول: درهما، أي: أنفقت درهما، ولا هاء محذوفة مع النصب، ولا ابتداء مضمر مع النصب. إنما تضمر فعلا، تنصب به «العفو»، يدل عليه الأول، تقديره: يسألونك: أي شيء ينفقون، قل ينفقون العفو. ومثله قوله تعالى: ﴿وَقِيلَ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا ماذا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ قالُوا خَيْراً﴾ «النحل ٣٠» ف «ما» و «ذا» اسم واحد، في موضع نصب ب «أنزل» و «خيرا» جواب منصوب كالسؤال تقديره: قالوا: أنزل خيرا. والاختيار النصب للإجماع عليه، والقراءتان متقاربتان، لأن كل واحدة محمولة على إعراب السؤال (١).

«١٣٥» قوله: ﴿حَتّى يَطْهُرْنَ﴾ قرأه الحرميان وأبو عمرو وابن عامر وحفص مضموم الهاء، مخفّفا، على معنى ارتفاع الدم وانقطاعه، ولكن لم تتمّ الفائدة إلا بقوله: ﴿فَإِذا تَطَهَّرْنَ﴾ أي: بالماء، فأتوهن، فبهذا تمّت الفائدة والحكم، لأن الكلام متصل بعضه ببعض، فلا يحسن أن يكون «يطهرن» مخفّفا، تتمّ عليها الفائدة والحكم، لأنه يوجب إتيان المرأة، إذا انقطع عنها الدم، وإن لم تتطهر بالماء، ويكون قوله: ﴿فَإِذا تَطَهَّرْنَ﴾ لا فائدة له، إذ الوطء قد يتمّ بزوال (٢) الدم، فلا بد من اتصال، فإذا تطهّرن بما قبله، وبه يتمّ الحكم، والفائدة في أن لا توطأ الحائض إلا بانقطاع الدم، والتطهير بالماء. فلو حمل الأول على التشديد، وفتح الهاء محمل الثاني، للزم أن توطأ الحائض، إذا تطهرت، وإن لم ينقطع عنها الدم. ففي التخفيف بيان الشرطين اللذين، مع وجودهما،


(١) تفسير الطبري ٤/ ٢٩٢، ومعاني القرآن ١/ ٣٩، وإيضاح الوقف والابتداء ٣٢٤، وتفسير ابن كثير ١/ ٢٥٦، وتفسير النسفي ١/ ١١٠، ومغني اللبيب ٣٠٠، وتفسير مشكل إعراب القرآن ٢٤ /ب.
(٢) قوله: «الدم وإن لم … يزوال» سقط من: ص، بسبب انتقال النظر.