للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

«وهأنذا حين أبدأ بذلك أذكر علل ما في الأبواب دون أن أعيد ذكر ما في كل باب من الاختلاف إذ ذاك منصوص في الكتاب الذي هذا شرحه، وأرتب الكلام في علل الأصول على السؤال والجواب، ثم إذا صرنا إلى فرش الحروف ذكرنا كل حرف، ومن قرأ به وعلته وحجة كل فريق، ثم أذكر اختياري في كل حرف، وأنبّه على علة اختياري لذلك كما فعل من تقدمنا من أئمة المقرئين» (١).

وقد مضى الكلام على تبويبه للكتاب وقرنه موضوعاته بعضها إلى بعض، ودلالة ذلك وفائدته.

فأما بحثه لفكرة من أفكاره أو موضوع من موضوعاته فيظهر فيه التزامه بنظام أصل الكتاب، أعني كتاب التبصرة، بيد أن تقيّده بخطة السؤال والجواب في كل الكتاب جنّبه كل عارض يصيب البحث، وجعله يقصر الكلام على المسألة المتناولة دون استطراد. فمن ذلك قوله في الاستعاذة: «قال أبو محمد: إن سأل سائل فقال: لأي شيء جيء بالاستعاذة في أول الكلام؟» فهذا سؤال محكم متعين الفكرة. يجيب عنه مكي بقوله: «فالجواب أن الاستعاذة دعاء إلى الله جل ذكره واستجارة به من الشيطان وامتثال لما أمر به نبيه .. » ثم يفصّل جوابه بما يحتمله من شرح وشواهد، ولا يكاد يستطرد إلى ما لم يتضمنه السؤال إلا في القليل النادر، كأن يبحث في جانب من اللغة يستعين به على توجيه الإجابة وإيضاح المراد بها (٢).

وهو يحيط بالمسألة ويستقصي كل ما يلزم عنها، فمن ذلك كلامه على إشباع كسرة الكاف فيما روي من قراءة ورش، فقال: «فإن سأل سائل فقال: ما العلة التي أوجبت ذكرك لكسر الكاف من «ملك» دون ياء وبضم الدال من «نعبد» دون واو، ولم خصصت هذين الأصلين؟ فالجواب أنه إنما ذكرت ذلك لأن بعض أهل مصر والمغرب روى عن ورش أنه يشبع الكسرة إذا أتت بعدها ياء حتى يتولّد من الكسرة ياء .. » (٣). وهو في سوى ذلك إنما يجيب عما يسأله


(١) الكشف ١ /أ - ب.
(٢) الكشف ٢ /ب.
(٣) الكشف ٦ /ب.

<<  <  ج: ص:  >  >>