للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الجواب الشافي، دون أن يقحم عليه شيئا يخل بالخطة التي أخذ بها نفسه إلى آخر الكتاب.

ومقتضى هذه الخطة أن تكون الجملة ذات تركيب معين، بعيد من التطويل، متجاف عن التأنق، شديد الصلة بمباشرة المسألة أو البحث. فمن ذلك كلامه على أحكام الراء وعللها قوله: «اعلم أن الراءات أصلها التغليظ والتفخيم ما لم تنكسر الراء فإن انكسرت غلبت الكسرة عليها فخرجت عن التفخيم إلى الترقيق وذلك نحو:

مررت بساتر وغافر وشبهه، والدليل على أن أصلها .. » (١). ومنه كلامه على الإشارة إلى أصل حركة الحرف عند الروم والإشمام قوله: «فإن قيل: هل تسمع هذه الإشارة أو لا تسمع، وهل ترى أو لا ترى، وهل نحكم على الحرف الأول الذي معه الإشارة بالضم أو بالكسر؟ فالجواب أن الإشارة إلى الضم في هذه الأفعال تسمع وترى في نفس الحرف الأول .. » (٢).

وكان مكي يحتاط لكل ما يخلّ بالموضوع، فلا يختصر فيبهم ويلبس، ولا يطيل فيبتعد ويغرب، وقد بيّن ذلك في آخر الكتاب فقال: «وقد أتينا على ما شرطنا واختصرنا الكلام في العلل غاية ما قدرنا من غير أن نكون قد أخللنا بعلة أو تركنا حجة مشهورة، وأوجزنا العلل خوف التطويل، واختصرنا ذكر قراءة التابعين ومن وافقهم لمن ذكرنا من القراء لئلا يطول الكتاب فيعجز عن نسخه ويحدث الملل في قراءته» (٣).

فجملته واضحة كل الوضوح، وهي أيضا متماسكة قوية، وبها جمال مبعثه وضوحها، وهي تؤدي المعنى من أقرب سبيل، تجانب التعقيد، وتقترب من اليسر.


(١) الكشف ٥٢ /ب.
(٢) الكشف ٥٨ /أ.
(٣) الكشف ٢٤٦ /ب.

<<  <  ج: ص:  >  >>