للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

في الوقف، لبيان الحركة التي هي في [ياء] (١) الإضافة، استغنى عنها في الوصل، لأن الحركة في الياء ثابتة، فهي مثل ألف الوصل، التي جيء بها للابتداء. فإذا لم يبتدأ بها، واتصل الكلام، استغني عنها، وهي مثل ألف «أنا» على مذهب البصريين، وهذا المذهب عليه أكثر النحويين.

«١٧٣» وحجة من أثبتها أنه وصل الكلام، ونيته الوقف عليها، لكنه لم يسترح بالوقف عليها، بل وصل، ونيته الوقف، كما يفعل ذلك في القوافي، يوصل البيت بما بعده من الأبيات، ولا تحذف الصلة، التي للوقف، فيقول:

أقلّي اللّوم عاذل والعتابا … وقولي إن أصبت لقد أصابا (٢)

وأيضا فإن «يتسنه» تحتمل أن تكون الهاء فيه أصلية، وسكونها للجزم، فلا بدّ من إثباتها في الوصل، ولا يجوز حذفها على هذا، وذلك أن «السنه» تستعمل على ضربين: أحدهما أن يراد بها الحول والعام، والثاني يراد بها الجدب، ومنه قوله تعالى: ﴿وَلَقَدْ أَخَذْنا آلَ فِرْعَوْنَ بِالسِّنِينَ﴾ «الأعراف ١٣٠» أي: بالجدوب، ألا ترى أن بعده: ﴿وَنَقْصٍ مِنَ الثَّمَراتِ﴾، وذلك يكون بالجدب. ومنه قول النبي ، «سنين كسني يوسف» (٣) فيكون «يتسنّه»، لمن أثبت الهاء في الوصل، مشتقا من «سانهت» ومن «السنة»، وأصلها «سنهه، فيتسنه» يتفعل من «سانهت»، فالهاء لام الفعل، وسكونها للجزم، ولا يجوز حذف الهاء على هذا ألبتة، فيكون المعنى: وانظر إلى طعامك وشرابك لم تذهب طراوته وغضارته بالجدب، والضرب الثاني أن تكون «السنة» بمعنى العام والحول، ويكون المعنى لم يتغير من قولهم: من ماء مسنون، أي متغير، ومن قولهم: سنّ اللحم إذا تغيّر ريحه،


(١) تكملة لازمة من: ص.
(٢) البيت لجرير انظر فهرس شواهد سيبويه ٦٧، وكتاب القوافي ١١٣
(٣) صحيح مسلم «كتاب المساجد - باب استحباب القنوت في جميع الصلاة … » ومسند أحمد بن حنبل بسنده من طريق ابن مسعود ١/ ٣٨٠