للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

على الياء، في قوله: ﴿قُلْ لِلَّذِينَ آمَنُوا يَغْفِرُوا﴾ «الجاثية ١٤»، و ﴿قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا﴾ «النور ٣٠»، والتاء أحب إليّ لإجماع الحرميين وعاصم وغيرهم على ذلك (١).

«٦» قوله: ﴿يَرَوْنَهُمْ﴾ قرأه نافع بالتاء، وقرأ الباقون بالياء.

«٧» ووجه القراءة بالتاء أن قبله خطابا، فجرى آخر الكلام عليه، وهو قوله: ﴿قَدْ كانَ لَكُمْ﴾ فجرى «ترونهم» على الخطاب في «لكم»، فيحسن أن يكون الخطاب للمسلمين، والهاء والميم للمشركين. وقد كان يلزم من قرأ بالتاء أن يقرأ «مثليكم» وذلك لا يجوز، لمخالفة الخط، ولكن جرى الكلام على الخروج من الخطاب إلى الغيبة، فهو في القرآن وكلام العرب كثير، بمنزلة قوله تعالى: ﴿حَتّى إِذا كُنْتُمْ فِي الْفُلْكِ﴾ ثم قال (٢): ﴿وَجَرَيْنَ بِهِمْ﴾ «يونس ٢٢»، فخاطب ثم عاد إلى الغيبة. ومثله: ﴿وَما آتَيْتُمْ مِنْ زَكاةٍ﴾ ثم قال: ﴿فَأُولئِكَ هُمُ الْمُضْعِفُونَ﴾ «الروم ٣٩»، فرجع إلى الغيبة، والهاء والميم في «مثيلهم» يحتمل أن تكون للمشركين، أي: ترون أيها المسلمون المشركين مثلي (٣) ما هم عليه من العدد. وهو بعيد في المعنى، لأن الله لم يكثّر المشركين في أعين المؤمنين، بل أعلمنا أنه قلّلهم في أعين المؤمنين. ويحتمل أن يكون الضمير للمسلمين، أي: ترون أيها المسلمون المسلمين مثلي ما هم عليه من العدد، أي: ترون أنفسكم مثلي عددكم، فعل الله ذلك بهم لتقوى أنفسهم على لقاء المشركين. ويحتمل أن يكون المعنى: ترون أيها المسلمون المشركين مثليكم في العدد. وقد كانوا ثلاثة أمثالهم، فقلّلهم الله في أعين المسلمين، لتقوى أنفسهم، ويجسروا على لقائهم. وتصديق هذا القول قوله: ﴿إِذْ يُرِيكَهُمُ اللهُ فِي مَنامِكَ قَلِيلاً﴾ «الأنفال ٤٣» ﴿وَإِذْ يُرِيكُمُوهُمْ إِذِ الْتَقَيْتُمْ فِي أَعْيُنِكُمْ قَلِيلاً﴾ «الأنفال ٤٤».


(١) الحجة في القراءات السبع ٨٢، وزاد المسير ١/ ٣٥٥، وتفسير ابن كثير ١/ ٣٥٠، وتفسير النسفي ١/ ١٤٧، والمختار في معاني قراءات أهل الأمصار ١٨ /أ.
(٢) قوله: «ثم قال» سقط من: ص.
(٣) ب: «مثل» وتصويبه من: ص.