للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

«٨» ووجه القراءة بالياء أن قبله لفظ غيبة، فحمل آخر الكلام على أوله، وهو قوله: ﴿فِئَةٌ تُقاتِلُ فِي سَبِيلِ اللهِ وَأُخْرى كافِرَةٌ﴾، فالرؤية للفئة المقاتلة في سبيل الله والمرئية الفئة الكافرة، فالهاء والميم في «مثليهم» للفئة المقاتلة في سبيل الله. والمعنى: يري الفئة المقاتلة في سبيل الله للفئة الكافرة مثلي الفئة المؤمنة، وقد كانت الفئة الكافرة ثلاثة أمثال المؤمنة، فقلّلهم الله في أعينهم، ليقوّي نفوسهم، وليثبتوا على ما فرض الله عليهم، من أن لا يفرّ الواحد من اثنين، على ما ذكر في سورة الأنفال. وإنما أرى الله المسلمين المشركين مثليهم، لأنه تعالى ضمن لهم الغلبة على المشركين بقوله: (إن ﴿يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ صابِرَةٌ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ﴾ «الأنفال ٦٦»، وكذلك قال: ﴿وَإِذْ يُرِيكُمُوهُمْ إِذِ الْتَقَيْتُمْ فِي أَعْيُنِكُمْ قَلِيلاً﴾، ويبعد أن تكون الهاء والميم في «مثليهم» ل «الفئة الكافرة»، لأن الله لم يخبر أنه كثّر الفئة الكافرة في أعين المؤمنين، إنما أعلمنا (١) أنه قلّلهم في أعين المؤمنين. والخطاب في «لكم» لليهود. وانتصاب «مثليهم» على الحال، لأن «ترى» من رؤية البصر، لا يتعدّى إلى مفعولين. ودلّ على أنه من رؤية البصر قوله:

﴿رَأْيَ الْعَيْنِ﴾ (٢).

«٩» قوله (رضوان) قرأه أبو بكر بضمّ الراء حيث وقع، إلا قوله في المائدة: ﴿رِضْوانَهُ سُبُلَ السَّلامِ﴾ «١٦» فإنه كسر كالجماعة، وقرأ الباقون بالكسر حيث وقع، وهما مصدران بمعنى واحد، فالكسر ك «الحرمان»، والضم ك «الشكران». وخصّ أبو بكر [ما] (٣) في المائدة (٤) بالكسر للجمع بين اللغتين، مع اتباعه للرواية، والكسر هو الاختيار، لإجماع القراء عليه (٥).


(١) ب: «علمنا» ووجهه ما في: ص.
(٢) تفسير الطبري ٦/ ٢٣٠، وتفسير النسفي ١/ ١٤٨، وتفسير مشكل إعراب القرآن ٣٢ /أ.
(٣) تكملة لازمة من: ص.
(٤) وهو الحرف (آ ١٦).
(٥) زاد المسير ١/ ٣٦٠