للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

كفرهم. ومن تجرأ على قتل نبي فهو أجرأ على قتل من هو دون النبي من المؤمنين، فحمل آخر الكلام على أوله في الإخبار بالقتل عنهم.

«١٥» ووجه القراءة بالألف في حرف ابن مسعود «وقاتلوا الذين يأمرون بالقسط»، فأخبر عنهم بالمقاتلة لا بالقتل على أن القتل أكثر ما يكون بالمقاتلة فأخبر عنهم بالسبب الذي يكون منه القتل، وقراءة الجماعة بغير ألف أولى لينتظم آخر الكلام بأوله، ولأنه إجماع (١).

«١٦» قوله: (الميت، وميت) (٢) قرأ نافع وحفص وحمزة والكسائي في ذلك بالتشديد، إذا كان الموت قد نزل، وخفّف الباقون. وتفرّد نافع بالتشديد في ثلاثة مواضع: ﴿أَوَمَنْ كانَ مَيْتاً﴾ «الأنعام ١٢٢» و ﴿الْأَرْضُ الْمَيْتَةُ﴾ «يس ٣٣» و ﴿لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً﴾ «الحجرات ١٢».

وكلّهم شدد ما لم يمت، نحو ﴿إِنَّكَ مَيِّتٌ﴾ «الزمر ٣٠». وخفّف ما هو نعت لما فيه هاء التأنيث، نحو: (بلدة ميتا)، القراءتان لغتان فاشيتان، والأصل التشديد، والتخفيف فرع فيه، لاستثقال التشديد للياء، والكسر على الياء.

وأصله عند البصريين «ميوت» على «فيعل»، ثم قلبت الواو ياء، وأدغمت فيها الياء التي قبلها. والمحذوف في قراءة من (٣) خفّف هي الواو، التي قلبت ياء، وهي عين الفعل، كما قالوا: هاير وهار، وساير (٤) وسار، فغيروا العين، وحذفوها بعد القلب في موضع لام الفعل. وقال الكوفيون: أصل «ميت» «مويت» على «فعيل»، ثم أدغموا الواو في الياء، فقلبت ياء للإدغام، ويلزمهم أن يفعلوا هذا في: طويل وعويل، وذلك لا يجوز. والاختيار التخفيف، لأنه أخفّ، ولكثرته في الاستعمال. والتثقيل هو الأصل. فأما من خفّف بعضا


(١) التبصرة ٥٩ /أ، والتيسير ٨٧، والنشر ٢/ ٢٣١، وزاد المسير ١/ ٣٦٥، وتفسير ابن كثير ١/ ٣٥٥، وتفسير النسفي ١/ ١٥٠
(٢) ص: «ونحوه»، والحرف الآخر في سورة الأعراف (آ ٥٧).
(٣) ص: «والمحذوف عند من».
(٤) ب: «بمعنى ساير» وتصويبه من: ص.