بالتاء والأول بالياء فلا يحسن فيه البدل، لاختلاف فاعلهما، ومجازه أنه لم يعد الفعل الأول إلى شيء، كما تقول: حسبت وعلمت وظننت، فتخبر أنه كان منك حسبان وعلم وظن، ولا تخبر على من وقع ذلك. فالكلام فيه فائدة، وإن لم تعدّه، لكن الفائدة مع التعدّي أعظم وأبين، وحسن ترك تعدّي الأول في هذا، لدلالة تعدي الثاني على ذلك، وهو:(فلا تحسبنهم بمفازة) وكأن مفعولي الأول حذفا لدلالة مفعولي الثاني على ذلك، وتقديره: لا يحسبن الذين يفرحون بما أوتوا، ويحبون أن يحمدوا بما لم يفعلوا، بمفازة من العذاب، فلا تحسبنهم بمفازة من العذاب، ثم حذف الأول، لدلالة الثاني عليه (١).
«١٠٤» وحجة من قرأ بالتاء أنه أضاف الفعل إلى النبي ﵇، فجرى على المخاطبة، و «الذين يفرحون» مفعول أول ل «حسب»، وحذف الثاني، لدلالة ما بعده عليه، وهو قوله: ﴿فَلا تَحْسَبَنَّهُمْ بِمَفازَةٍ مِنَ الْعَذابِ﴾، ويجوز أن يكون المفعول الثاني قوله:«بمفازة من العذاب»، الذي بعد «تحسبنهم» يراد به التقديم، ويكون مفعول «تحسبنهم» محذوفا، لدلالة الأول عليه، كما تقول: ظننت زيدا ذاهبا، وظننت عمرا، ويحسن أن يكون «تحسبنهم»، في قراءة من قرأه بالتاء، بدلا من «لا تحسبن»، في قراءة من قرأه بالتاء، لاتفاق الفاعلين، والفاء زائدة على ما ذكرنا، فإذا حسن البدل فمفعولا «تحسبنهم» هما مفعولا «لا تحسبن» لأن المبدل منه كأنه لم يذكر. فأما من قرأ «لا تحسبن» بالتاء قرأ «فلا يحسبنهم» بالياء، فلا يحسن فيه البدل، لاختلاف الفاعلين، ولكن لا بدّ من حذف مفعولي «لا يحسبن»، لدلالة مفعولي «فلا تحسبنهم» على ذلك. ويكون «بمفازة من العذاب» هو المفعول الثاني، لقوله: «(لا يحسبن الذين يفرحون)» ويكون المفعول الثاني لقوله: