للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

«١٠٥» قوله: (حتى يميز، وليميز) قرأه حمزة والكسائي بضم الياء (١) والتشديد هنا وفي الأنفال (٢)، وقرأ الباقون بفتح الياء، والتخفيف فيهما، وهما لغتان، يقال: ماز يميز، مثل كال يكيل، وميّز يميّز مثل: قتّل يقتّل، وفي التشديد معنى التكثير، يقال: ميّزت الطعام فتميّز، وليس التشديد في هذا لتعدّي الفعل ك «كرم وكرمت»، لأنه لم يتعدّ بالتشديد، لأنك تقول: مزت المتاع، وميّزت المتاع، فلا يحدث التشديد تعدّيا لم يكن في التخفيف. فالقراءتان بمعنى التخفيف أحب إليّ، لأن الجماعة عليه (٣).

«١٠٦» قوله: ﴿بِما تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ﴾ قرأه ابن كثير وأبو عمرو بالياء، ردّاه على لفظ الغيبة التي قبله، في قوله: ﴿سَيُطَوَّقُونَ﴾ قوله: ﴿وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ﴾، وقرأ الباقون بالتاء، ردّوه على الخطاب المكرّر الذي قبله، في قوله: ﴿وَإِنْ تُؤْمِنُوا وَتَتَّقُوا فَلَكُمْ﴾ «١٧٩» ونوي به التقدّم، ليكون أقرب إليه، والتقدير: فلكم أجر عظيم، والله بما تعملون خبير. والتاء أحب إليّ، لتكرّر لفظ الخطاب الذي قبله، ولأن الجماعة عليه (٤).

«١٠٧» قوله: ﴿سَنَكْتُبُ ما قالُوا وَقَتْلَهُمُ﴾ قرأه حمزة «سيكتب» بياء مضمومة «قتلهم» بالرفع، و «يقول» بالياء، وقرأ الباقون «سنكتب» بنون مفتوحة، و «قتلهم» بالنصب و «نقول» بالنون.

«١٠٨» وحجة من قرأ بالياء أنه أجراه على لفظ الغيبة، وجعله فعلا لم يسمّ فاعله ف «ما» في موضع رفع، لأنه مفعول لم يسمّ فاعله، فلذلك رفع «وقتلهم» على العطف على «ما»، وعطف «ويقول» على «سيكتب»، فأجري على الغيبة لتقدّم ذكر اسم الله جلّ ذكره، لكنه أجرى الفعل الثاني على


(١) قوله: «بضم الياء» سقط من: ص.
(٢) وهو المثبت بعد حرف آل عمران، وهو فيها (آ ٣٧).
(٣) التبصرة ٦١ /ب، والحجة في القراءات السبع ٩٣، وزاد المسير ١/ ٥١٠، والقاموس المحيط «ماز».
(٤) زاد المسير ١/ ٥١٤، وتفسير النسفي ١/ ١٩٧