للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ما سمّي فاعله، وخالف به الأول. ولو أجراه على الأول لقال: ويقال ذوقوا. وعلته في إجرائه «سيكتب» على ما لم يسمّ فاعله، ثم ب «يقول» على ما سمّي فاعله، أن الأول وهو «سيكتب» فعل متعد. فلمّا وجد سبيلا إلى مفعول، يقوم مقام الفاعل، وهو ما حمله على ما لم يسمّ فاعله، ولمّا كان «يقول» لا يتعدّى إلى مفعول، وليس معه مفعول، يقوم مقام الفاعل، لم يردّه إلى ما لم يسمّ فاعله، إذ لا مفعول في الكلام، يقوم مقام الفاعل، إلا أن يضمر مصدرا يقوم مقام الفاعل، وذلك تكلّف، وفيه بعد وخروج عن الظاهر.

«١٠٩» وحجة من قرأ بالنون أنه ردّه على الإخبار عن الله جلّ ذكره لما تقدّم في قوله: ﴿لَقَدْ سَمِعَ اللهُ﴾، فنصب به، وعطف «وقتلهم» على «ما» فنصبه، وعطف عليه «ونقول»، فجرى كله على الإخبار عن الله جل ذكره، لتقدّم ذكر اسمه جلّ وعزّ، وهو في القرآن كثير، وهو الاختيار، ليرد الكلام على أوله، ولأن الإجماع عليه (١).

«١١٠» قوله (٢): ﴿وَالزُّبُرِ وَالْكِتابِ﴾ قرأ ابن عامر «وبالزبر» بزيادة باء، وقرأ هشام «وبالكتاب» بزيادة باء، أعاد الحرف للتأكيد، وكذلك هو في مصاحف أهل الشام، وقرأهما الباقون بغير باء، لأن حرف العطف أغنى عن إعادة حرف الجر، كما تقول: مررت بزيد وعمرو وخالد، فلا تعيد حرف الجر.

فهو المستعمل، وهو أخصر، وإثبات الحرف (٣) هو الأصل، إلا أنه ترك استعماله في أكثر القرآن والكلام استخفافا. ولو لزم تكرير العامل لوجب أن يقول: جاءني زيد وجاءني عمرو وجاءني خالد. وهذا ثقيل. فالواو تغني عن تكرير الفعل، كذلك تغني عن تكرير حرف الجر. وأيضا فإنهما بغير باء في مصاحف المدينة ومكة والكوفة والبصرة، وهو الاختيار، لأنه المستعمل، ولأنه أخصر، ولأن حرف العطف


(١) زاد المسير ١/ ٥١٥، وتفسير ابن كثير ١/ ٤٣٤
(٢) تأخرت هذه الفقرة عن المتقدمة في: ب، فوجهت ذلك كما في: ص.
(٣) قوله: «كما تقول مررت … الحرف» سقط من: ص، بسبب انتقال النظر.