للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الثاني و «تحسبنهم» بدل (١) من «تحسين» الذي قبله، إذا قرئا جميعا بالتاء والياء، وقد تقدّم ذكر هذا، وتقدّم ذكر فتح السين في «نحسب»، والاختلاف في ذلك.

«١١٤» وحجة من قرأ بالياء، وضمّ الباء أنه أضاف الفعل إلى «الذين يفرحون» لتقدم ذكرهم، وعدّى فعلهم إلى نفسهم، فهم المفعول الأول.

و «بمفازة» المفعول الثاني. و «يحسبنهم» بدل من «يحسبن» إذا قرئا جميعا بالياء. وقد تقدّم ذكر هذا، وحسن تعدّي فعل الفاعل إلى نفسه، كما تقول: ظننتني أخاك، وإنما يجوز هذا في أفعال الظن وأخواته، ولا يجوز في غير ذلك عند البصريين، لو قلت: ضربتني وشتمتني، فتعدل الفعل إلى نفسك، لم يجز، إنما هذا هذا في هذه الأفعال، لأنها داخلة على الابتداء والخبر، كان واخواتها.

ولما كانت «أن» يتصل بها ضمير الفاعل في المعنى، فيتعدّى إليه، جاز ذلك في هذه الأفعال، فجاز: ظننتني كما تقول: إنني، ألا ترى أنك لو أظهرت الضمير في هذه الأفعال لم يجز تعدّي الفعل إلى المفعول، وهو الفاعل، لو قلت: ظن نفسي ذاهبا لم يجز، كما لا يجوز مع «إن» لو قلت: إن نفسي، لم يجز، وإن أنا ذاهب، لم يجز. وضمّت الباء في «تحسبنهم» لتدل على الواو المحذوفة التي للجمع، التي حذفت لسكونها وسكون أول المشدد. وقد أثبتوا الواو مع المشدد في: ﴿أَتُحاجُّونِّي﴾ «الأنعام ٨٠»، وقامت المدّة مقام الحركة. وإنما لم تثبت في «تحسبنهم»، وتمدّ للتشديد، لأنها قد حذفت مع النون الخفيفة، في قولك:

لا تحسبن زيدا قائما، فلمّا حذفت الواو مع الخفيفة، ولم تمدّ (٢)، كان حذفها مع المشدد لازما، وحسن ذلك، لئلا يختلف الفعل. وإنما لم تحذف الواو في «أتحاجّوني» في قراءة من شدّد، كما حذفت في «تحسبنهم» لأن النون في «أتحاجّوني» أصلها الحركة، والإسكان عارض، دخل للإدغام، وليست


(١) ب: «بدلا» وتصويبه من: ص.
(٢) ص: «تمد وتثبت».