للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كذلك نون «تحسبنهم»، أصل الأول السكون لا الحركة (١). والقراءة بالتاء وفتح الباء أحب إلي، لما ذكرت من العلة، ولأن أكثر القراء عليه (٢).

«١١٥» قوله: ﴿وَقاتَلُوا وَقُتِلُوا﴾ (٣) قرأه حمزة والكسائي «وقتلوا وقاتلوا» بتقديم المفعول على الفاعل هنا وفي براءة (٤)، وقرأ الباقون فيهما بتقديم الفاعل على المفعول، وكلّهم خفّف «قتلوا»، إلا ابن كثير وابن عامر فإنهما شدّداه.

«١١٦» وحجة من قدّم المفعول أن الواو لا تعطي ترتيبا، فسواء التقديم والتأخير، والمعنى هو لتقديم الفاعل على المفعول، لأن القتل لا يكون إلا بعد قتال. فالمقتول متأخّر عن القتال، إنما يحدث له القتل بعد القتال، فهو أولى أن يكون متأخرا، لكن الواو لا تعطي رتبة قدّمت المفعول أو أخّرته، فالتقديم هو لمن له المعنى في التقديم. وقد قيل إن معنى تقديم المفعول: وقتل بعضهم وقاتل الباقون، ولم يهنوا بعد قتل أصحابهم، بهذا المعنى يوجب تقديم المفعول، وهذا أبلغ في مدحهم لأنهم لم يهنوا، ولا ارتاعوا لقتل أصحابهم، بل جدّوا في القتال بعد قتل أصحابهم، وهذا مثل قوله: ﴿وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَما وَهَنُوا لِما أَصابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ وَما ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكانُوا﴾ «آل عمران ١٤٦» إذا رفعت «ربيين» ب «قاتل»، أي:


(١) قوله: «وحسن ذلك .. لا الحركة» سقط من: ص.
(٢) زاد المسير ١/ ٥٢٥، والنشر ٢/ ٢٣٨، وتفسير ابن كثير ١/ ٤٣٧، وتفسير النسفي ١/ ٢٠٠، وكتاب سيبويه ١/ ٣٠
(٣) تقدم نظيره في هذه السورة الفقرة «٧٨»، وأنظر الفقرة «٩٤» من هذه السورة أيضا.
(٤) الحرف فيها (آ ١١١).