للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

اسكنت، وأتت بعدها الدال، وذلك في اثني عشر موضعا في كتاب الله (١)، بين الصاد والزاي، لأن الصاد حرف مهموس، وبعدها الدال حرف مجهور، فقرّبت الصاد من الدال بأن خلط لفظها بالزاي، لأنه حرف مجهور، مثل الدال، فصار اللسان يعمل في حرفين مجهورين، وحسن ذلك، لأن الصاد والزاي من مخرج واحد، ومن حروف الصفير. وقرأ الباقون بصاد خالصة على الأصل، واتباعا للخط، وهو الاختيار، لأن الجماعة عليه، ولأنه الأصل (٢).

«٦١» قوله: (فتبيّنوا) قرأه حمزة والكسائي بالثاء، من التثبت في موضعين، في هذه السورة وفي موضع في الحجرات (٣). وقرأ الباقون بالياء، من التبيين.

«٦٢» وحجة من قرأ بالثاء، أنه لمّا كان معنى الآية الحض للمؤمنين على التأني، وترك الإقدام على القتل، دون تثبّت وتبين، أتى بالتثبت، لأنه خلاف الإقدام، والتثبت أفسح للمأمور من التبين لأن كل من أراد أن يتثبّت قدر على ذلك، وليس كل من أراد أن يتبين قدر على ذلك (٤)، لأنه قد يتبيّن، ولا يتبين (٥) له ما أراد بيانه.

«٦٣» وحجة من قرأ بالياء، من البيان، أنه لمّا كان معنى الآية: افحصوا عن أمر من لقيتموه، واكشفوا عن حاله قبل أن تبطشوا بقتله، حتى تتبين لكم حقيقة ما هو عليه من الدّين حمل على التبين، لأنه به يظهر الأمر، وأيضا فإن التبين يعمّ التثبّت، لأن كل من تبين أمرا فليس يتبينه، إلا بعد تثبت، ظهر له ذلك الأمر أو لم يظهر له، لا بدّ من التثبت مع التبين، ففي التبين معنى التثبت، وليس كل من تثبت في أمر تبيّنه. قد يتثبّت ولا يتبيّن له الأمر، فالتبين أعم [من التثبت] (٦)


(١) وهذه الأحرف على توالي ترتيب السور في النساء (آ ١٢٢)، الأنعام (آ ٤٦، ٥٧)، الأنفال (آ ٥٧)، يونس (آ ٣٧)، يوسف (آ ١١١) الحجر (آ ٩٤)، القصص (آ ٢٣)، الطارق (آ ١٢)، الزلزلة (آ ٦).
(٢) التبصرة ٦٤ /أ، والتيسير ٩٧، والنشر ٢/ ٢٤٢
(٣) هو (آ ٦)، وسيأتي في أول سورته.
(٤) ص: «عليه».
(٥) ص: «يتثبت».
(٦) تكملة لازمة من: ص.