للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

«٣١» قوله: ﴿عَقَّدْتُمُ الْأَيْمانَ﴾ قرأه أبو بكر وحمزة والكسائي بالتخفيف، وقرأ ابن ذكوان بألف بعد العين مخفّفا، وقرأ الباقون مشدّدا، من غير ألف.

وحجة من شدّد أنه أراد تكثير الفعل على معنى: عقد بعد عقد، أو يكون أراد تكثير العاقدين للأيمان، بدلالة قوله: (ولكن يؤاخذكم) فخاطب جماعة، أو يكون شدّد لوقوع لفظ الأيمان بالجمع بعده، فكأنه عقد يمين بعد عقد يمين، فالتشديد يدل على كثرة الأيمان، ولو (١) كان بعده اليمين بالتوحيد لكان حجة للتخفيف.

«٣٢» وحجة من خفّفه أنه أراد به عقد مرة واحدة، لأن من حلف مرة واحدة لزمه البر أو الكفارة، وليست الكفارة لا تلزم إلا من كرر الأيمان، فيحتاج ضرورة إلى التشديد، [والتشديد] (٢) للتكثير، وتكرير الأيمان يوهمان الكفارة، لا تلزم إلا من كرر اليمين، وإذا لزمت الكفارة في اليمين الواحدة كانت في الأيمان المكررة على شيء بعينه ألزم وآكد، فالتخفيف فيه إلزام الكفارة، وإن لم يكرر، وفيه رفع للإشكال. فالتشديد فيه إلزام الحالفين الكفارة على عددهم، وفيه إيهام ترك الكفارة عمن لم يكرر اليمين، فالقراءتان حسنتان، وكان التشديد أحب إلي، لأن أكثر القراء عليه، وعليه أهل الحرمين.

«٣٣» وحجة من قرأ بألف أنه جعل «فاعل» يراد به المرة الواحدة، فعل الواحد كعافاه الله، فيكون في المعنى بمنزلة قراءة من خفف بغير ألف، ويجوز أن يراد به اثنان فأكثر، على باب فاعلين، فتكون اليمين من كل واحد من الحالفين المتعاهدين، فالمعنى على هذا القول أن تكون اليمين من كل واحد للآخر، على أمر عقدوه، وعلى القراءة الأولى أن تكون اليمين من واحد على فعل يفعله، أو على ترك فعل (٣).


(١) لفظ «ولو» سقط من: ص.
(٢) تكملة لازمة من: ص.
(٣) الحجة في القراءات السبع ١٠٩، وزاد المسير ٢/ ٤١٢، وتفسير النسفي ١/ ٢٩٩، والمختار في معاني قراءات أهل الأمصار ٢٩ /ب - ٣٠ /أ.