للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

«٣٤» قوله: ﴿فَجَزاءٌ مِثْلُ ما قَتَلَ﴾ قرأه الكوفيون «فجزاء» بالتنوين، ورفع «مثل»، وقرأ الباقون بغير تنوين، وخفض «مثل».

وحجة من نون أنه لمّا كان «مثل» في المعنى صفة ل «جزاء» ترك إضافة الموصوف إلى صفته، وأجراه على بابه، فرفع «جزاء» بالابتداء، والخبر محذوف تقديره: فعليه جزاء، وجعل «مثلا» صفة ل «جزاء»، على تقدير: فجزاء مماثل للمقتول من الصيد في القيمة أو في الخلقة، وبعدت الإضافة في المعنى، لأنه في الحقيقة ليس على قاتل الصيد جزاء مثل ما قتل، إنما عليه جزاء المقتول بعينه، لا جزاء مثله، لأن مثل المقتول من الصيد لم يقتله، فيصير المعنى على الإضافة: عليه جزاء ما لم يقتل.

«٣٥» وحجة من أضاف أن العرب تستعمل في إرادة الشيء مثله يقولون: اني أكرم مثلك أي أكرمك. وقد قال الله جلّ ذكره: ﴿فَإِنْ آمَنُوا بِمِثْلِ ما آمَنْتُمْ بِهِ﴾ «البقرة ١٣٧» أي بما آمنتم لا بمثله، لأنهم إذا آمنوا بمثله لم يؤمنوا، فالمراد بالمثل الشيء بعينه، وقال تعالى: ﴿كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُماتِ﴾ «الأنعام ١٢٢» أي: كمن هو في الظلمات، والمثل والمثل واحد، ولو كان المعنى على مثل وبابه لكان الكافر ليس في الظلمات، إنما في الظلمات مثله لا هو، فالتقدير على هذا في الإضافة: فجزاء المقتول من الصيد، يحكم به ذوا عدل، فيصح معنى الإضافة. والقراءتان قويتان لكن التنوين أحب إليّ لأنه الأصل، ولأنه لا إشكال فيه (١).

«٣٦» قوله: ﴿كَفّارَةٌ طَعامُ مَساكِينَ﴾ قرأ نافع وابن عامر بالإضافة، وقرأ الباقون بالتنوين، ورفع الطعام، وكلهم قرأ مساكين بالجمع (٢).

والحجة في هذا كالحجة فيما ذكرنا (٣) في سورة البقرة، غير أن «الطعام»


(١) زاد المسير ٢/ ٤٢٣، وتفسير ابن كثير ٢/ ٩٩، وتفسير النسفي ١/ ٣٠٢، والمختار في معاني قراءات أهل الأمصار ٣٠ /أ، وتفسير مشكل إعراب القرآن ٦١ /ب.
(٢) تكملة موضحة من: ص.
(٣) ص: «هذا كله ما ذكرنا».