للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

فهو صحيح. فالقراءتان متداخلتان حسنتان (١).

«٤٥» قوله: ﴿هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ﴾ قرأه الكسائي بالتاء ونصب «ربك»، وقرأ الباقون بالياء ورفع «ربك»، وأدغم الكسائي اللام من «هل. [وبل]» (٢) في التاء على أصله المذكور.

وحجة من قرأ بالتاء أنه أجراه على مخاطبة الحواريين لعيسى؛ وفيه معنى التعظيم للرب جلّ ذكره، على أن يستفهم عيسى عن استطاعته، إذ هو تعالى مستطيع لذلك، فإنما معناه: هل تفعل ذلك [على معنى افعل ذلك] (٣). وقد هل تستطيع سؤال ربّك في إنزال مائدة علينا، والمعنى: هل تفعل لنا ذلك، وقد علموا أن عيسى يستطيع السؤال، ولا بدّ من إضمار السؤال، إذ لا يجوز أن يقال: هل تستطيع أن يفعل غيرك كذا، ف «أن» مفعول بالمصدر المحذوف، وهو السؤال، وهذا كما تقول للرجل: هل تستطيع أن تكلمني، وقد علمت أنه مستطيع لذلك، فإنما معناه: هل تفعل ذلك [على معنى افعل ذلك] (٣). وقد روي عن عائشة أنها قالت: كان القوم أعلم بالله ﷿ من أن يقولوا: هل يستطيع ربك، ولكن: هل تستطيع ربك. وروي عنها أنها قالت:

كان الحواريون لا يشكّون أن الله يقدر على إنزال مائدة عليهم، ولكن قالوا:

هل تستطيع ذلك. وعن معاذ بن جبل أنه قال: أقرأنا النبي : هل تستطيع ربّك. قال معاذ: وسمعت النبي مرارا يقرأ بالتاء في «تستطيع»، وبذلك قرأ أيضا (٤) علي بن أبي طالب.

«٤٦» وحجة من قرأ بالياء أنه على معنى: هل يفعل ربّك ذلك، لأنهم لم


(١) التيسير ١٠١، وزاد المسير ٢/ ٤٥٥، وتفسير ابن كثير ٢/ ١١٥، وتفسير النسفي ١/ ٣٠٩، والنشر ٢/ ٢٤٧، والمختار في معاني قراءات أهل الأمصار ٣٠ /ب، وتفسير مشكل إعراب القرآن ٦٤ /ب.
(٢) تكملة لازمة من: ص.
(٣) تكملة موضحة من: ص.
(٤) ص: «وكذلك أيضا قرأ».