للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

يشكّوا في استطاعة البارئ على ذلك، لأنهم كانوا مؤمنين، فإنما هو كقولك للرجل هل يستطيع فلان أن يأتي، وقد علمت أنه مستطيع. فالمعنى: هل يفعل ذلك، وهل يجيبني إلى ذلك، وقد كانوا عالمين باستطاعة الله لذلك ولغيره علم دلالة وخبر ونظر، فأرادوا معاينة لذلك، كما قال إبراهيم: ﴿رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتى﴾ «البقرة ٢٦٠» وقد كان علم أن الله يحيي الموتى استدلال وحي ونظر، فأراد علم المعاينة التي لا يعترضها شيء، ولذلك قال إبراهيم: ﴿بَلى وَلكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي﴾ أي: لا تدخل عليه في ذلك شبهة (١)، لأن علم النظر والخبر تدخله الشبهة والاعتراضات وعلم المعاينة لا يدخله شيء من ذلك، ولذلك قال الحواريون:

(وتطمئنّ قلوبنا)، والاختيار ما عليه الجماعة من الياء، ورفع «ربك» على المعنى (٢)

«٤٧» قوله: (إني منزّلها) قرأه نافع وعاصم وابن عامر بالتشديد، على أنه اسم فاعل من نزّل. وقرأ الباقون بالتخفيف على أنه اسم من فاعل من أنزل، واللغتان موجودتان (٣) في القرآن، قد أجمع على كل واحدة [منهما] (٤)، فالقراءتان متساويتان، غير أن التشديد فيه معنى التكثير (٥).

«٤٨» قوله: (يوم ينفع) قرأه نافع بالنصب، ورفع الباقون.

وحجة من نصب أنه جعل الإشارة ب «هذا» إلى غير اليوم، ممّا تقدّم ذكره من الخبر والقصص في قوله: ﴿وَإِذْ قالَ اللهُ يا عِيسَى﴾ «١١٦» وليس ما (٦) بعد القول حكاية. فإن جعلته حكاية أضمرت ما يعمل في «يوم»، والتقدير:

قال الله هذا الذي اقتص عليكم يحدث أو يقع في يوم ينفع، وإن لم


(١) ص: «على شبهه».
(٢) الحجة في القراءات السبع ١٠٩، والتبصرة ٦٦ /أ، وتفسير ابن كثير ٢/ ١٠٩.
(٣) ص: «والفعلان موجودان».
(٤) تكملة موضحة من: ص.
(٥) ص: «التكثير والتكرير»، انظر زاد المسير ٢/ ٥٤٩، والمختار في معاني قراءات أهل الأمصار ٣١ /أ، وتفسير النسفي ١/ ٣١٠
(٦) لفظ «ما» سقط من: ص.