للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

لم يصحّ أن تضيف الموصوف إليها، وقد اتسع (١) في هذه الصفة فأقيمت مقام الموصوف، كما أقيمت الأولى مقام الموصوف، قال الله تعالى ذكره: ﴿وَلَلْآخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنَ الْأُولى﴾ «الضحى ٤» وهو الاختيار، لإجماع القراء عليه ولصحة معناه في الصفة، والتعريف ل «الدار».

«١٤» وحجة من قرأ بلام واحدة أنه لم يجعل «الآخرة» صفة ل «الدار» فأضاف «الدار» إليها، فلم يمكن دخول الألف واللام عليها للإضافة، و «الآخرة» في الأصل صفة للساعة، كأنه قال، ولدار الساعة الآخرة، فوصف الساعة بالآخرة، كما وصف اليوم بالآخر، في قوله: ﴿وَارْجُوا الْيَوْمَ الْآخِرَ﴾ «العنكبوت ٣٦» لكن توسع فيها فاستعملت استعمال الأسماء، فجازت الإضافة إليها كما فعلوا ذلك في «الدنيا»، وأصلها الصفة من «الدنو»، وقد تقدّم ذكر «ليحزنك» وبابه وعلته (٢).

«١٥» قوله ﴿لا يُكَذِّبُونَكَ﴾ (٣) قرأ نافع والكسائي بالتخفيف، وشدّد الباقون.

وحجة من خفّفه أنه حمله على معنى: لا يجدونك كاذبا، لأنهم يعرفونك بالصدق، فهو من باب: أحمدت الرجل، وجدته محمودا، ودلّ على صحة ذلك قوله: ﴿وَلكِنَّ الظّالِمِينَ بِآياتِ اللهِ يَجْحَدُونَ﴾ أي: يجحدون بأنفسهم ما يعلمون صحته يقينا عيانا عنادا منهم. وحكى الكسائي عن العرب «أكذبت الرجل» إذا أخبرت أنه جاء بكذب، وكذبته إذا أخبرت أنه كذاب. وقيل: معنى التخفيف:

فإنهم لا يجعلونك كذابا، إذ لم يجربوا عليك الكذب. وحكى قطرب: أكذبت الرجل دللت على كذبه، وقيل: التخفيف والتشديد لغتان.

«١٦» وحجة من شدّد أنه حمله على معنى: فإنهم لا ينسبونك إلى الكذب،


(١) ب: «اتبع» وتصويبه من: ص.
(٢) راجع «باب علل اختلاف القراء في اجتماع الهمزتين» الفقرة «٤، ٥، ٧»، الحرف المتقدم في المقنع ١٠٣، وتفسير مشكل إعراب القرآن ٦٧ /أ.
(٣) تقدّم له نظير في تفسير سورة البقرة، الفقرة «٥، ٦».