للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

﴿الرُّشْدِ لا يَتَّخِذُوهُ﴾ «الأعراف ١٤٦» فذكّر، ومثله الثاني بعده. وقرأ الباقون بالتاء على تأنيث «السبيل»، إذ قد أسند الفعل إليه فرفع (١) به. وقد قال الله تعالى: ﴿قُلْ هذِهِ سَبِيلِي﴾ «يوسف ١٠٨» فأنث.

«٢٧» فأما من قرأ بالتاء ونصب «السبيل»، وهو نافع، فإنه جعل الفعل خطابا للنبي ، وهو الفاعل، و «السبيل» مفعول به، والاختيار التاء ورفع «السبيل»، فهو أبين في المعنى، وعليه أكثر القراء (٢).

«٢٨» قوله: ﴿يَقُصُّ الْحَقَّ﴾ قرأه الحرميان وعاصم بالصاد، مضمومة غير معجمة، وقرأ الباقون بالضاد، معجمة مكسورة، وأصلها أن يتصل بها ياء، لأنه فعل مرفوع من القضاء، لكن الخط بغير ياء، فتكون الياء حذفت لدلالة الكسرة عليها.

«٢٩» وحجة من قرأ بالصاد غير معجمة أنه جعله من القصص كقوله:

﴿نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ﴾ «يوسف ٣» و ﴿إِنَّ هذا لَهُوَ الْقَصَصُ﴾ «آل عمران ٦٢».

«٣٠» وحجة من قرأ بالضاد معجمة أنه جعله من القضاء، ودلّ على ذلك أن بعده ﴿خَيْرُ الْفاصِلِينَ﴾، والفصل لا يكون إلا عن قضاء دون قصص، ويقوّي ذلك أن في قراءة ابن مسعود «(إن الحكم إلا لله يقضي بالحق)» فدخول الياء يؤكد معنى القضاء، ولا يوقف عليه في هذه القراءة، لأن أصله الياء، فإن وقفت بالياء، على الأصل، خالفت الخط وإن وقفت بغير ياء خالفت الأصل، والقراءة بالصاد غير معجمة أحب إليّ، لاتفاق الحرميين وعاصم على ذلك، ولأنه لو كان من القضاء للزمت الياء فيه، كما أتت في قراءة ابن مسعود (٣).


(١) ب، ص: «فرفعه» ووجهته بطرح الضمير لتقوم العبارة.
(٢) الحجة في القراءات السبع ١١٦، وزاد المسير ٣/ ٥٠، والمختار في معاني قراءات أهل الأمصار ٣٣ /أ، والتيسير ١٠٣، وتفسير إعراب مشكل القرآن ٦٨ /ب، وأمالي ابن الشجزي ٢/ ٤٥٥
(٣) زاد المسير ٣/ ٥٢، والمقنع ٣١، وهجاء مصاحف الأمصار ١٥ /أ.