للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ما لم يسمّ فاعله، كما قال: ﴿حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ﴾ «المائدة ٣» وقال:

﴿أَنْزَلَ إِلَيْكُمُ الْكِتابَ مُفَصَّلاً﴾ «الأنعام ١١٤» فهو من «فصل»، ولمّا ضم الأول ضمّ الثاني، لأنه هو في المعنى، فأما من ضمّ «حرّم» وفتح «فصل» فإنه بنى «فصل» للفاعل، ففتحه لتقدم ذكره، ولقوله: ﴿قَدْ فَصَّلْنَا الْآياتِ﴾، وحمل «حرم» على قوله ﴿حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ﴾ فضمّه، والاختيار فتح الأول والثاني، لأن الجماعة عليه، ولصحة معناه (١).

«٦٣» قوله: ﴿وَإِنَّ كَثِيراً لَيُضِلُّونَ﴾ قرأ الكوفيون ﴿رَبَّنا لِيُضِلُّوا عَنْ سَبِيلِكَ﴾ في يونس «٨٨» بضمّ الياء «ليضلوا»، وقرأ الباقون بالفتح، وقرأ ابن كثير وأبو عمرو بفتح الياء في إبراهيم وفي الحجّ وفي لقمان وفي الزّمر (٢)، وقرأهن الباقون بالضمّ.

وحجة من فتح في جميعها أنه جعله فعلا (٣) ثلاثيا غير متعدّ، يقال: ضلّ فلان يضلّ في نفسه، لا يدلّ على إضلاله غيره، فلا يتعدّى ألبتة، لأنه ثلاثي.

«٦٤» وحجة من ضمّ الياء أنه جعله فعلا رباعيا، متعدّيا إلى مفعول محذوف، والمعنى: ليضلون الناس، فهو أبلغ في ذمهم لأنهم لا يضلون الناس إلا وهم ضالون في أنفسهم، وليس إذا ضلّوا في أنفسهم يضلون أحدا بذلك الضلال، فالضم يتضمن معناه ومعنى الفتح، فهو أبلغ، ولا يتضمن الفتح معنى الضم، والضم أقوى وهو الاختيار (٤).

«٦٥» قوله: (رسالته) قرأ ابن كثير وحفص بالتوحيد، وفتح التاء، لأنه مفعول به، وقرأ الباقون بالجمع، وكسر التاء، وقد تقدّم الكلام على ذلك في


(١) زاد المسير ٣/ ١١٢، وتفسير ابن كثير ٢/ ١٦٨، وتفسير النسفي ٢/ ٣١، والنشر ٢/ ٢٥٣
(٢) الأحرف في هذه السور على ترتيبها ذكرا: (آ ٣٠، ٩، ٦، ٨) وسيأتي ذكر الحرفين الأولين منها كلا في سورته سوى حرف لقمان، الفقرة «٣، ١٦، ١٠».
(٣) لفظ «فعلا» سقط من: ص.
(٤) زاد المسير ٣/ ١١٣، وتفسير النسفي ٢/ ٣١