للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

فالجواب أنه لما ابتدأ بالتسمية (١) في أول ابتدائه بالسورة ثم وصل السورة بالسورة، أراد أن يبيّن بالسّكت بينهما أن الأولى قد تمت، وأنه ابتدأ بثانية، وبيّن أيضا بحذفه التسمية (٢) أن التسمية ليست بآية من كل سورة، وفي إجماع أكثر القراء على حذف (٣) التسمية بين كل سورتين، وقبول قرن بعد قرن لذلك، وروايته ذلك عنهم دليل على أنها ليست بآية من كل سورة. فما (٤) كان الله ليجمع أمة محمد [] (٥) على إسقاط مائة آية وثلاث عشرة آية من كتابه منذ ثلاثمائة سنة إلى أن تقوم (٦) الساعة، لا يردّ ذلك أحد ولا ينكره، بل ينقله خلف عن سلف، ويروونه ويستعملونه في محاريبهم ويعلّمونه الولدان، ولا أحد يعرف [أنه] (٧) أنكر ذلك.

«٦» فإن قيل: فما علة الاختيار لمن لم يفصل بين السورتين بالتسمية أن يفصل بالتسمية بين المدّثر والقيامة، وبين الانفطار والمطففين، وبين الفجر ولا أقسم، وبين العصر والهمزة (٨)؟

فالجواب أن وصل آخر السورة بالسورة التي بعدها من هذه السور فيه قبح في اللفظ، فكره ذلك إجلالا للقرآن وتعظيما له، ألا ترى أن القارئ يقول:

﴿هُوَ أَهْلُ التَّقْوى وَأَهْلُ الْمَغْفِرَةِ﴾ - لا أقسم) «المدثر ٥٦، القيامة ١» فيقع لفظ النفي عقيب لفظ المغفرة، وذلك في السمع قبيح. ويقول: ﴿وَالْأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلّهِ﴾ - ﴿وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ﴾ «الانفطار ١٩، المطففين ١» فيقع لفظ الويل عقيب اللفظ باسم


(١) ص: «بالبسملة».
(٢) ص: «للتسمية».
(٣) ب: «حذفه» وتوجيهه من: ص.
(٤) ب: «ما» وبالفاء كما في «ص» الوجه.
(٥) تكملة مناسبة من: ص.
(٦) ص: «قيام».
(٧) تكملة مستحبة من: ص.
(٨) هو مذهب المذكورين في الفقرة الخامسة المتقدمة.
الكشف: ٢