للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

الله ورسوله أعلم. فقال: إنها تغرب في عين حامية». وروي عنه ابن عمر أنّه نظر إلى الشمس حين غابت فقال: «في نار الله الحامية، لولا ما يزعها من أمر الله لأحرقت ما على الأرض» (١) فيكون معنى (٢) الحامية الحارة على هذين الحديثين.

«٥٦» وحجة من قرأ بالهمز أنه جعله مشتقا من «الحمأة» أي: ذات حمأة. وقد سأل معاوية كعبا (٣) فقال له: أين تجد الشمس تغرب في التوراة؟ فقال: تغرب في ماء وطين. فهذا يدلّ على أنها من الحمأة، وهو الاختيار، لأن القراءتين قد ترجعان إلى أنهما من الحمأة، ولا ترجعان إلى أنهما من «حمي، يحمى» بمعنى الحارّة، لأنه لا سبيل إلى الهمز (٤) في «فاعل» من «حمي يحمى» وأيضا فإن القراءة بالهمز، لا تنافي القراءة بغير همز، قد تكون الشمس تغرب في عين حارة ذات حمأة، فيجتمع في ذلك المعنيان جميعا، والقراءتان جميعا. وقد روى أبيّ بن كعب أن النبي قرأ: «حمئة» بالهمز وبذلك قرأ ابن عباس، وكذلك قرأ علي (٥).

«٥٧» قوله: ﴿فَلَهُ جَزاءً الْحُسْنى﴾ قرأ حفص وحمزة والكسائي بالنصب والتنوين. وقرأ الباقون بالرفع من غير تنوين.

وحجة من قرأ بالرفع أنه جعله مبتدأ و «له» الخبر، أي: فجزاء الخلال


(١) يذكر ابن كثير رواية هذين الأثرين عن ابن جرير والإمام أحمد وسواهما، انظر التفسير ٣/ ١٠٢.
(٢) ب: «المعنى» وتوجيهه من: ص، ر.
(٣) هو كعب الأحبار، اليماني العلامة، أسلم بعد وفاة الرسول ، حدّث عن عمرو وصهب وغير واحد، وعنه أبو هريرة وابن عباس ومعاوية وسواهم، توفي في أواخر خلافة عثمان وهو في طريقه للغزو، ترجم في طبقات ابن سعد ٧/ ٤٤٥، وسير أعلام النبلاء ٣/ ٣٢٢.
(٤) ب: «الهمزة» ورجحت ما في: ص، ر.
(٥) التبصرة ٨٥ /ب، والحجة في القراءات السبع ٢٠٥، وزاد المسير ٥/ ١٨٥، وتفسير ابن كثير ٣/ ١٠٢، وتفسير غريب القرآن ٢٧٠، وتفسير النسفي ٣/ ٢٤، والمختار في معاني قراءات أهل الأمصار ١٦٣ /أ - ب.