للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وبقيت «يا» تدل عليه، وذلك جائز في لغة العرب، جاء ذلك في أشعارها وكلامها، يكتفون بياء عن الاسم المنادى، أو يحذفونه لدلالة الكلام و «يا» عليه، يقولون: ألا يا انزلوا، ألا يا ادخلوا، يريدون: ألا يا هؤلاء انزلوا، ألا يا هؤلاء ادخلوا، كذلك الآية، تقديرها: ألا يا هؤلاء اسجدوا، فلذلك قلنا:

يقف على «يا»، ويبتدئ: اسجدوا، في هذه القراءة. وإنما حذفت ألف «يا» من اللفظ لسكونها وسكون السين بعدها، فصارت الياء في اللفظ متصلة بالسين كياء الاستقبال، وعلى ذلك أنشدوا:

فقالت ألا يا سمع نعظك بخطّة … فقلت سميعا فانطقي وأصيبي (١)

يريد: ألا يا هذا اسمع. ومثله (٢):

يا لعنة الله والأقوام كلّهم … والصّالحين على سمعان من جار (٣)

.

يريد: يا هؤلاء لعنة الله، أي الزموا لعنة الله على سمعان: وهو كثير (٤).

«١١» قوله: ﴿ما تُخْفُونَ وَما تُعْلِنُونَ﴾ قرأ حفص والكسائي بالتاء.

وقرأ الباقون بالياء (٥).

وحجة من قرأ بالتاء أنّه حمله على الخطاب. لأن ما قبله، على قراءة الكسائي، منادى، والمنادى مخاطب، فردّ الخطاب في الفعلين على معنى المنادى، فكأنه قال:


(١) الشاهد للنمر بن تولب. انظر معاني القرآن ٢/ ٤٠٢. والإنصاف ٦٣.
(٢) ر: «ومثله قول الآخر في المعنى».
(٣) مجهول القائل، انظر كتاب سيبويه ١/ ٢٧٤.
(٤) انظر ما تقدم من تعليل وتوجيه كل ذلك في إيضاح الوقف والابتداء ١٦٩ - ١٧٤، ٨١٦. ومعاني القرآن ٢/ ٢٩٠، ٤٠٢. وانظر أيضا زاد المسير ٦/ ١٦٦، وتفسير القرطبي ١٣/ ١٨٦، وتفسير ابن كثير ٣/ ٣٦١. والمختار في معاني قراءات أهل الأمصار ٨٠ /أ، وتفسير مشكل إعراب القرآن ١٧٤ /أ.
(٥) قوله: «وقرأ الباقون بالياء» سقط من: ص.